للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

ذكر القاضي أبو محمّد عبد الوهّاب الممنوعات الرّاجعة إلى صفة العقد، فذكر أنّ منها: البيع والسلف.

قال الفقيه الإِمام رحمه الله: يتعلّق بهذا الفصل أربعة أسئلة منها أن يقال:

١ - ما الدّليل على منع البيع والسلف؟ ٢ - وهل يصحّ العقد إذا سقط السلف؟ ٣ - وهل يصحّ إسقاطه بعد قبضه؟ ٤ - وما الواجب فيه بعد فوت المبيع؟

فالجواب عن السؤال الأوّل أن يقال: روي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه نهى عن البيع والسلف (١). واختار بعض أشياخي في توجيه المنع أن ذلك من معاني حماية الذّرائع، وذلك أنّه قد تقرّر أنّ بيع الذّهب بالذّهب لا يجوز (٢). ومن أقرض مائة دينار على أن يأخذ مثلها بعد سنة، فإنّ هذا المعنى يتصوّر فيه حقيقة البيع لأنّه باع مائة ينقدها بمائة يأخذها بعد سنة. لكن إنّما (٣) ندَبَ الشّرع إلى مكارم الأخلاق وحضّ على اصطناع المعروف ورفق المسلمين بعضهم ببعض، اقتضت المصلحة في المحافظة على هذا الّذي ندب إليه، منعَ السلف بزيادة، لأنّا لو أبحنا الزّيادة فيه، لكنّا سددنا باب الارتفاق وما دُعينا إليه من مكارم الأخلاق. وقد علم أنّ البيع إذا انفرد، جاز باتّفاق. وإذا انفرد السلف على وجه المعروف والرّفق، جاز أيضًا باتّفاق. فإذا اجتمعا منعا، وما ذلك إلاّ أنّ المبيع المقارن للسلف قد يزيد في قيمته ويرغب فيه مشتريه لأجل ما يتسلّفه (٤) البائع،


(١) هو جزء من حديث رواه بالمعنى عن أصحاب السنن والطيالسي وأحمد والحاكم والبيهقي ونصه: لا يحل بيع وسلف الهداية ج ٧: ٢٣١ حديث ١٣٧.
(٢) أي: إلا مثْلا بمثل مناجزة.
(٣) هكذا في النسختين ولعل الصواب كمَّا.
(٤) هكذا ولعل الصواب من.

<<  <  ج: ص:  >  >>