للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز في كتاب الصرف.

وأمّا اشتراط المنفعة للدّافع نطقًا أو قصدُه لذلك وإن لم ينطق، فإنّه لا يجوز. لكن إن ثبت أنّه قصد منفعة نفسه ببيّنة شهدت عليه بذلك أو بتصديق القابض له في ذلك، فإنّ هذا القرض يفسخ.

فإن انفرد أحدهما بدعوى ذلك وأكذبه الآخر، فإن كان الدّافع هو الّذي زعم أنّه قصد بالقرض منفعة نفسه بعد أن خرج ذلك من يده، فإنّه لا يصدق في ذلك ويتّهم أن يكون ندم على ما دفع وأراد استرجاعه من قابضه قبل حلول أجله. وإن كان المدّعي لذلك القابض ولم يقصده (١) الدّافع، فإنّه يردّ ما قبض من القرض، كاعترافه بأنّه وقع على وجه حرام، والحرام يفسخ.

والجواب عن السؤال الثّاني أن يقال: قد تقرّر فيما تقدّم أنّ سلف العروض أو المعاوض عنها على وجه فاسد يردّ قيمتها إن لم يمكن ردّ عينها.

كما تقرّر أيضًا أنّ المقترض قرضا جائزًا يخيّر بين أن يردّ عين ما اقترض إن كان باقيًا على حاله، أو يردّ مثله لأنّ دافعه دخل معه على أنّه مكّنه من إفاتة عينه ليردّ مثلها، فإن شاء دفع المثل وصار كمن أفات العرض الّذي اقترض وإن شاء ردّ عين العرض لأنّ التّأجيل فيه إلى أن ينتفع به فيفيته حقٌّ له لا حقّ فيه لدافعه.

ولهذا كان له تعجيل العرض إذا كان قرضًا قبل أجله. فإذا كان القرض فاسدًا وثبت ذلك وجب (٢) فسخه، فوجدناه قد فات، فإنّ الأشياخ ذهبوا إلى إلحاقه بالبيوع الفاسدة الّتي يجب في فوتها إذا كانت عروضًا القيمة لا المثل، فغلبوا على هذا العقد لمّا فسد أحكام المعاوضة الفاسدة، فيكون الواجب القيمة كما وجب فيها. ويحصل الفوت بحوالة الأسواق كما حصل أيضًا فيها. وهذا يعارض بأن يقال: إذا كان الفساد من قبل الدّافع بأن يكون ثبت بأنّه قصد منفعة نفسه، وذلك قد يحصل فيه إخراج هذا العرض بهذا القصد الممنوع إلى أحكام


(١) هكذا في النسختين، والصواب: يصدّقه.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: ووجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>