للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الذي ذكره من العذر يكون انفصالًا عمَّا احتجَّ به أشهب على ابن القاسم من مباينته الولد على النماء كجزء من جسمها حسًا وحقيقة، فهو كأحد أعضائها, ولم يكن من أمر طلب البائع أن يعطي عوضه. وهذا الذي ناقض به أشهب ابن القاسم قد وقع في رواية أيضًا التزامه. وذكر في كتاب الوديعة من المدونة أنَّ ابن القاسم روى عن مالك أنَّه يجبر عيب النكاح بزيادة قيمتها.

وحملوا ذلك على أنَّ المراد زيادة قيمتها من ناحية نماء بدنها. وهكذا رواه ابن شعبان في مختصره عن مالك. ولا يلزم على هذا المذهب أن يجبر عيب النكاح بزيادة سوقها من ناحية انتقال الأسعار لا من ناحية نماء البدن, لأنَّ التقويم إنَّما يكون في العيوب أخذًا لقيمتها أو ردًا معتبرًا يوم الصفقة، وما كانت تساوي حينئذ يوم العقد، فلا معنى لاعتبار زيادة السوق بعد ذلك في جبران عيب النكاح.

وإذا قلت بمذهب ابن القاسم في جبران عيب النكاح بقيمة الولد، فإنَّ صفة هذا الجبر أن يقال: ما قيمة هذه الأمة يوم الصفقة وهي سالمة؟ فيقال: مائة دينار. ثُمَّ يقال: ما قيمتها بعيب التدليس؟ فيقال: ثمانون. ثُمَّ يقال: ما قيمتها بعيب التدليس وعيب النكاح على أنَّ معها ولدها. فإن قيل: ثمانون، فقد علمنا أنَّ النكاح لم يؤثر نقصًا لأجل الولد. وإن قيل: قيمتها سبعون، فقد علمنا أنَّه أثر نقصًا، فيطالب بمقدار هذا النقص الذي كان عن النكاح بنسبته من الثمن على حسب ما يأتي بيانه في تقويم العيوب إن شاء الله تعالى.

ولمَّا ذكرنا عن الشيخ أبي القاسم السيوري ما انفرد به عن أهل المذهب من كون الولد غلة عنده. وذكرنا تعلقه بما وقع في هذه المسألة، فلنذكر تعلقه بما وقع في مسألة أخرى. وذلك أنَّه ذكر ابن الموّاز عن مالك أنَّه إذا باع أمة فأزوجها المشتري فولدت عنده فباع الولد، أنَّ البائع، إذ فلس هذا المشتري، فأراد ارتجاع ما باع (١)، فإنَّه يأخذ الأمة ولا مطالبة له بما أخذ المشتري في ثمن


(١) أي لأنَّه لم يقبض الثمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>