للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولدها. قال: لأنَّ الولد غلَّة، بخلاف أن يرد الأمة بعيب وقد باع ولدها، فإنَّه يرد ما أخذ من ثمن ولدها. فأنت تراه كيف نصَّ ها هنا على أنَّ الولد غلة، ولكنَّه لم يطرد هذا في رد الأمَّة بعيب. وكان مقتضى هذا الذي قال أيضًا ألا يرد أيضًا ثمن الولد إذا باعه ورد أمَّه بعيب.

وقد حاول بعض المتأخرين اعتذارًا عن هذا بأنَّ من مُكّن من الرد بالعيب فإنَّه له أخذ جميع الثمن. فإذا كان قادرًا على أن يردَّ هذه الأمة ويأخذ جميع الثمن، فإنَّه يحاسب بما أخذ من ثمن الولد، لأنَّ هذا الردَّ والنقص باختياره.

وفي التفليس البائع هو المختار لرد هذا البيع وارتجاع الأمَّة، فلا يحاسب المشتري بما أخذ في ولدها.

وهذا الفرق كما تراه لا يروح (١) ما أشرنا إليه من المناقضة الذي يقتضيها الولد بأنَّ الولد غلة.

وأشير أيضًا إلى فرق آخر وهو أنَّ الأصل في التفليس ألَاّ يرد البائع ما عقده على نفسه من البيع. لكن أوجب الخروج عن هذا الأصل ورود الحديث بذلك، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - (من أدرك ماله بعينه فهو أحق به) (٢) الحديث المشهور.

فلعل استحقاق البائع رد المبيع في التفليس يكون ما باعه باقيًا بعينه. والولد إذا بيع فليس هو عين ما باعه البائع. ولو قرَّر أنَّه كعضو من أمه. فهذا العضو ليس ما نصًا (٣) ولا موجود، فبقي حكمه على مقتضى الأصل، لكون الحديث الناقل عن هذا ليس دليل الخطاب فيه إلَاّ أنَّ للبائع حقا إذا لم يكن ما باع موجودًا، ورد الولد إذا بيعت أمُه أو ردَّ ثمنه، لم يرد حديث يمنع من رد ثمن الولد. فلمَّا وجب عين رد الولد (٣)، وجب رد ثمنه.

وأشير أيضًا إلى فرق آخر وهو أنَّ البائع ليس له في التفليس أن يحاص


(١) هكذا في النسختين.
(٢) الموطأ: حديث ١٩٧٩: ٢: ٢٠٩.
(٣) هكذا في النسختين.

<<  <  ج: ص:  >  >>