للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نجد عندما نقرأ الأدب العربي اسم المازري يسبق أسماء المسلمين الحيلة الذين ولدوا بمدينة مازرة للتفرقة بينهم وبين الذين يحملون نفس الاسم. ولكن ولدوا ببلاد أخرى (١).

وهذه إلدعوى لم يؤيدها بدليل يثبت أنه ولد بمازرة. وارتباط النسب بالبلد الذي هو مقر الأسرة لا يزول بالتحول عنها ولو بعد أجيال. بل لعل الالتصاق ببلد الأسرة يكون أشد عندما تتحول عنها إلى غيرها من الأماكن للتعريف المميز بالارتباط بالبلد المنتقل عنه.

حياة الإِمام المازري

نما وتعلم ودرس وبلغ درجة الإمامة في الساحل الشرقي التونسي. لم يصلنا ما يوثق به عن المدينة التي ولد فيها. والقاضي عياض الذي بلغ درجة عالية من الثقة والضبط، لما لم يجد ما يثبت أنه ولد في المهدية أو في غيرها، حمله ورعه ودقته في التعبير أن يقول = مستوطن المهدية (٢). فاتخاذ هذا التورع في التعبير كدليل على أنه ولد في غير المهدية فيه نظر. إذ هو كمفهوم اللقب عند جمهور الأصوليين. لا يدل نص عياض ولا نص ابن فرحون لا على أنه ولد في المهدية ولا على أنه ولد في غيرها وانتقل إليها. على أن مكان الولادة لا أثر له في المستوى العلمي الذي بلغه الإِمام المازري وهو الذي يهم من يرغب في التعرف على شخصيته.

وكما كان مكان ولادته غير معلوم على وجه الدقة فكذلك سنة ولادته. أما تاريخ وفاته فيجمع من كتب عنه أنه توفي سنة ست وثلاثين وخمسمائة في شهر ربيع الأول في الثالث منه عند عياض. وفي الثاني منه أو الثامن عشر كما هو عند ابن خلكان وبمثل هذا الترديد عند المقري (٣). وعياض كشأنه في التورع لا


(١) تاريخ مدينة مزرا. ص ٣٥.
(٢) الغنية ص ١٣٢.
(٣) الغنية ١٣٣ - وفيات الأعيان ج ٤ ص ٢٨٥. أزهار الرياض ج ٣ ص ١٦٦. العبر ج ٤
ص ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>