للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك إلا في الأمير يخرج على الميلين ويقيم حتى يجتمع بقية جيشه بل قال يتم، فقال بعض المتأخرين إنما ذلك لأجل أن الأمير هو مختار للإقامة لأن السفر بحكمه. والخارج إلى بئر عميرة غير مختار للإقامة بل قاصد للسفر والغالب لحاق سائر الناس به فكان له القصر وأنكر بعضهم هذا الفرق وقال يطرد الاختلاف في السؤالين. واستضعف الفرق لأجل كون المسير للأمير يقتضي القصر لأن عزمه لا أحد يثنيه بخلاف الخارج لبئر عميرة. وليس من شرط مقدار السفر أن يكون سيرًا متصلًا. وقد قال مالك فيمن سافر من مصر إلى مكة يسير يومًا ويقيم يومًا أنه يقصر في سيره وإقامته. ولم ير تخليل ما دون زمان الإقامة مانعًا من تلفيق السير بعضه إلى بعض. فلو كان يقيم يومين أو ثلاثًا لقصر أيضًا، وكان حكم الإِمام حكمًا واحدًا. ولو كان يقيم أربعة أيام لأتم فيها. وأما السير الذي قبلها فإن كان فيه ما تقصر الصلاة فيه قصَرَ. وإن كان لا تقصُر الصلاة فيه فاختلف في تلفيق بعضه إلى بعض. وسنعيد الكلام عليه إن شاء الله تعَالى. فقد وقع بين المتأخرين تنازع فيمن خرج في طلب آبق لا يعلَم موضعه فأتم في سفره فحكمه أن يقصر في رجوعه إذا كان قد بلغ أربعة برد على ما قاله مالك في المدونة. لو كان لما بلغ أربعة برد فقيل له إن الآبق على بريد بين يديك أو عن يمينك أو عن يسارك فعزم على البلوغ إلى الموضع المشار إليه وينقلب منه إلى منزله على كل حال. هل يضاف هذا البريد إلى حكم ما قبله، فيتم فيه الصلاة ويكون مبدأ القصر من حيث رجوعه لأجل أنه في البريد المزيد سائر وفي انقلابه راجع، فلا يضم سير إلى انقلاب *أو يقصر صلاته في هذا البريد ويضاف إلى انقلابه لأنه في حكم الراجع. وإن كان طالبًا فيه لحاجته. ويكون ذلك كما لو آثر الرجوع من حيث بلغ الأربعة برد على هذه الطريقة المشتملة على هذا البريد لسهولتها. أو كمن خرج مسافرًا* (١) ضاربًا في جهة قبلة بلدته، فعرض له بعد خروجه حاجة في دبرها على بريد فعزم على سيره وانعطافه إلى طريقه الأولى (٢) من غير رجوع إلى بلده فإنه يقصرُ في هذا البريد فكذلك حكم


(١) ما بين النجمين ممحو من -و-.
(٢) هكذا في النسختين ولعل الصواب الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>