للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرحلة الثانية: مرحلة تدوين الأحكام مؤصلة ومرتبطة بأدلتها إقتداء بروح منهج الإمام. وقد تبلور هذا المنهج على يد كل من سحنون في المدونة وابن حبيب في الواضحة ونظرائهما.

المرحلة الثالثة: مرحلة التخفيف من التأصيل والتقليل من الأدلة، وقد سُلك هذا الاتجاه تحت ضغط تنوع الأدلة وتضخم الكتب الفقهية. ويعد ابن أبي زيد القيرواني بكتابه مختصر المدونة، والنوادر والزيادات. والبراذعي، بكتابه التهذيب؛ رائدي هذه المرحلة.

المرحلة الرابعة: مرحلة العودة إلى التأصيل مرة أخرى، والسير على المنهاج العلمي الأمثل والانطلاق من المنابع الأولى؛ القرآن والحديث في إطار قواعد المذهب وفروعه (١).

وقد أحيى هذا المنهج كل من ابن يونس الصقلي (ت) ٤٥١ هـ، وأبو الحسن اللخمي ٤٧٨ هـ والمازري ٥٣٦ هـ وابن بشير.

فابن بشير ينتمي إلى المرحلة الرابعة مرحلة العودة إلى التأصيل. وقد تجلت الصورة التأصيلية في كتابه التنبيه على مبادئ التوجيه، الذي اختار له هذا العنوان لينم عن مدى اهتمامه بتوجيه الأقوال وتأصيلها.

إلا أن طبيعة الكتاب المتسم بالاختصار؛ جعلته لا يتوسع في ذكر الأدلة. بل يكتفي برؤوسها ومبادئها، حيث يقول مفصحاً عن منهجه في ذلك: "ولسنا لإكمال الحجاج وإنما نبهنا على أوائله" (٢).

ومن خلال نماذج من كتابه التنبيه أحاول تلمس معالم منهاجه، وأختار مثالين من كتاب الصلاة الثاني.


(١) انظر تفاصيل هذه المرحلة في تطور المذهب المالكي في الغرب الإسلامي من ص ٣٧٥ إلى ٤٥٢، وتجدر الإشارة إلى أن هذا التحقيب للمذهب هو اجتهاد مختلف فيه، فللفاضل بن عاشور تقسيم وللجيدي تقسيم، وهذا يدل على أن المسألة لا زالت في أمسّ الحاجة إلى مزيد من البحث.
(٢) انظر ص: ٨٦٠ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>