للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثال الأول قوله: "من كان إماماً فسلم من صلاته قبل كمالها، فقال له بعض المقتدين: إنك لم تكمل صلاتك، فقال: بل أكملت، وسأل غير المتكلم أولا، فأخبره أنه لم يكمل. فهل تصح هذه الصلاة أو تبطل؟ في المذهب ثلاثة أقوال: المشهور صحتها، والشاذ بطلانها. وقال سحنون: إن جرى ذلك في الصلاة الرباعية بعد ركعتين صحت الصلاة، وإن كان من غير الرباعية أو ليس بعد الركعتين بطلت. ووجه المشهور الاعتماد على الحديث في أنه - صلى الله عليه وسلم - سلم من اثنتين فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فقال: كل ذلك لم يكن، فقال ذو اليدين: قد كان بعض ذلك. فسأل الناس فأخبروه بصحة ما قال ذو اليدين ورجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى إكمال صلاته.

ووجه الشاذ إما لأن الحديث لا يحكم بصحته. وقد تكلم عليه أصحاب أبي حنيفة [من جهة] أن الراوي أبو هريرة رضي الله عنه، ولهم في ذلك معان لسنا لها. وإما لأنه انفرد بنقله الآحاد. وإما لأن القياس مقدم عليه. وبين الأصوليين خلاف في تقديم القياس على خبر الآحاد. وإما لأن القصة جرت في زمن يجوز فيه النسخ ولم يتكلم ذو اليدين إلا وهو يجوز النسخ فعذر بذلك. بخلاف من يطرأ له ذلك بعد تقرر الشرائع واستحالة النسخ. وعلى هذا عول ابن كنانة القائل ببطلان الصلاة، وأجاب ابن القاسم عن هذا بأن غير ذي اليدين من الصحابة تكلموا بعدما علموا بأن الصلاة لم تقصر.

وأما وجه قول سحنون، فهو أن القياس بطلان الصلاة، وقد وردت صحتها في صورة فيقتصر على ما وردت. ولا يجري القياس فيما عداها." (١).

المثال الثاني قوله: "ولو نسي أن يسجد سجود السهو فلم يسجده حتى طال الأمر؛ فأما اللتان بعد السلام فيسجدهما متى ما ذكر، وأما اللتان قبله فهل تبطل الصلاة لتركها متى طال الأمر؟ في المذهب خمسة أقوال:


(١) انظر ص: ٥٧٧ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>