للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث: النقد عند ابن بشير]

ينتمي ابن بشير إلى المدرسة النقدية التي أسسها أبو الحسن اللخمي في القرن الخامس، والتي كان من روادها بالإضافة إلى ابن بشير؛ المازري وابن رشد الجد والقاضي عياض وغيرهم. يقول الفاضل بن عاشور: "فهؤلاء هم الذين سلكوا طريقة جديدة في خدمة الحكم، هي: الطريقة النقدية، التي أسس منهجها أبو الحسن اللخمي، فصاروا في الفقه يتصرفون فيه تصرف تنقيح، وينتصبون في مختلف الأقوال انتصاب الحكم الذي يقضي بأن هذا مقبول، وهذا ضعيف، وهذا غير مقبول، وهذا ضعيف السند في النقل، وهذا ضعيف النظر في الأصول، وهذا مغرق في النظر في الأصول، وهذا محرج للناس أو مشدد على الناس إلى غير ذلك. وهي الطريقة التي درج عليها الإمام المازري في شرحه على التلقين للقاضي عبد الوهاب، ودرج عليها ابن بشير في شرحه على المدونة الذي سماه التنبيه على مسائل التوجيه ... " (١).

[* المطلب الأول: مجانبة ابن بشير للتعصب]

وقبل الحديث عن منهجه النقدي لا بدّ لنا من التعرض لقضية تعتبر أساساً للنقد السليم ومعياراً للتقويم النزيه، أعني الإنصاف ومجانبة التعصب الذي ابتلي به بعض الفقهاء، فانساقوا وراء أهوائهم وتحاملوا على مخالفيهم. فجاءت معظم انتقاداتهم متابعة لأهوائهم.

والشيخ ابن بشير رحمه الله معافى من ذلك في الجملة، فإنصافه لغير المالكية فضلاً عن المالكية واضح جلي، وربما امتدح رأي المخالف وتوجيهه مومئاً أو مصرحاً بضعف رأي المذهب وتوجيهه، ويستحسن أن أذكر أمثلة توضح ذلك:

المثال الأول قال: "وروي عن عمر رضي الله عنه أنه صلى فلم يقرأ،


(١) المحاضرات المغربيات ص: ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>