للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأمثلة السابقة يظهر فيها بجلاء إنصافه للخمي وعدم التحامل عليه بل الانتصار لرأيه وإظهار وجاهته.

ففي المثال الأول يظهر تبني ابن بشير لرأي اللخمي ودفاعه عنه ومناظرة شيوخه فيه. والمثال الثاني نرى ابن بشير يتحدث عن وجاهة رأي اللخمي وجريانه على أصل المذهب. والمثال الثالث نلاحظ كيف استدل للخمي بروايات المدونة.

بعد هذا أرى أن المقام مناسب للحديث عن النقد عند ابن بشير وأبدأ بانتقاده للخمي للأسباب السالفة الذكر.

[* المطلب الثاني: انتقاد ابن بشير للخمي]

لقد تبين بالتتبع والاستقراء أن ابن بشير كان يتعقب اللخمي في عدة أمور لا يسمح المجال بذكرها كلها. وسأكتفي ببعض منها:

[أ- يؤاخذ ابن بشير اللخمي، على حكاية أقوال ونسبتها للمذهب وليست منه، ومن أمثلة ذلك]

١ - قال ابن بشير: "فإن كان الماء يسيرًا ولم يتغير. ففي المذهب ثلاثة أقوال: أحدهما: إنه نجس وهو مقتضى مذهب المدونة. والثاني: إنه طاهر مطهر لكنه يكره للخلاف. والثالث: مشكوك في حكمه فيجمع بينه وبين التيمم.

فوجه الحكم بنجاسته قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثاً"، ليبين إذا كان الماء دون القلتين حمل الخبث. وأيضاً فإن النفوس تعاف الماء اليسير إذا حلته النجاسة اليسيرة ومبنى النجاسات على ما تعافه النفوس وتستقذره الطباع. ووجه الحكم بطهارته قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خلق الله [تعالى] الماء طهوراً لا ينجسه شيء"، وهذا عموم في كل المياه. ومن رواية البغداديين في هذا الحديث: "إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه". وهذا نص [في] أنه باق على الطهارة والتطهير ما لم يتغير أحد هذه الصفات، فهذه مبادئ أدلة المذهب. ووجه الحكم بالشك فلتعارض الأدلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>