للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[د- يؤاخذه على استعماله للقياس في مسائل لا مجال للقياس فيها ومن ذلك قوله]

١ - " ولا يعيد عندنا من صلى في جماعة؛ لأن الإعادة لما قدمناه من التلافي لما فاته من الأجر بصلاته وحده. وإذا كانت الصلاة في جماعة فلا فائت يتلافى. قال ابن حبيب: إلا أن تكون الصلاة الأولى في غير المساجد الثلاثة: الكعبة ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومسجد بيت المقدس، ثم يدرك الجماعة في أحد هذه المساجد؛ فإنه يعيد لعظم الأجر في هذه بخلاف غيرها.

وألزمه أبو الحسن اللخمي أن يعيد في هذه المساجد فذًا، وإن صلى أولاً في غيرها في جماعة لتفاوت فضل الجماعة والانفراد في غيرها. وألزمه ذلك من طريق القياس إلا أن يقال: إنما ورد الأمر بإعادة الفذ في جماعة، وهذا عكسه. والموضع موضع عبادة فلا يتعدى به ما ورد" (١).

هكذا إذا تعامل ابن بشير مع اللخمي في نقاش علمي هادىء بعيد عن التحامل والتعسف، إلا أنه في بعض الحالات النادرة جداً يسبقه القلم فيستعمل ألفاظاً قاسية كما يتضح في المثال التالي:

"واحتج محمد بن عبد الحكم لوجوب الصلاة بقوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}. وإذا حرمت الصلاة على غير المؤمنين وجب ضدها، وهو الصلاة على المؤمنين، لأن النهي عن الشيء أمر بضده. وتعقب هذا أبو الحسن اللخمي بأن النهي عن الشيء أمر بضده إذا كان له ضد واحد، وإلا متى كانت له أضداد فلا يكون النهي أمراً بالضد. قال: وترك الصلاة على غير المؤمنين لها أضداد. وعدَّ من أضدادها إباحة الصلاة على المؤمنين، والندب إلى ذلك، والوجوب. وإذا ثبت النهي في حق غير المؤمنين أمكن أن يكون محمولاً على أحد أضداده في حق المؤمنين. إما الندب أو الإباحة أو الوجوب. فهذه غلطة فاحشة؛ لأن الضد في الحقيقة


(١) انظر ص: ٤١٢ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>