للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن تصنيف جهود ابن بشير في هذا المجال، ضمن المقاصد الجزئية التي تكتفي بذكر مقاصد الأحكام الفرعية، وإن كان من حين لآخر يتعرض للمقاصد الخاصة والعامة (١).

[تجاذب الأحكام بين التعبد المحض ومعقولية المعنى]

لقد قسم الغزالي الأحكام الشرعية إلى ثلاث أقسام: قسم تعبدي محض لا مدخل للحظوظ والأغراض فيه، وقسم المقصود منه حظ معقول وليس يقصد منه التعبد. وقسم مركب يقصد منه الأمران جميعاً وهو حظ العباد وامتحان المكلف بالاستعباد.

وبغض النظر عن صحة هذا التقسيم أو عدم صحته (٢)، فإن ابن بشير سار عليه. فنجده يتردد أحياناً في إلحاق بعض العبادات بأحد الأقسام، أو يجزم بأنها من قسم معين. والأمثلة على ذلك كثيرة منها:

أولاً: الأحكام التي اختلف العلماء في كونها معللة أو غير معللة فمن ذلك:

أ- اختلاف العلماء في غسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب هل هو للتعبد المحض أو لما يمكن أن يكون ولغ فيه من النجاسة أو لأنه مما يستقدر (٣).

ب- اختلاف القائلين بغسل جميع الذكر من المذي هل يفتقر إلى نية


(١) المراد بالمقاصد العامة هي المقاصد التي تمت مراعاتها وثبت إرادة تحقيقها على صعيد الشريعة كلها أو في الغالب الأعم، أما الخاصة فهي المتعلقة بمجال خاص من مجالات التشريع كمجال الإرث والمعاملات والصيام ... إلخ. انظر مدخل إلى مقاصد الشريعة ص: ١١.
(٢) الذي عليه المحققون أن كل ما في الشريعة معلل وله مقصوده ومصلحته، ولكن عند عجز الفقيه عن إدراك العلة يقول: إن الأمر تعبدي. انظر الفكر المقاصدي قواعده وفوائده ص ٣٩.
(٣) ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>