للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمكثت قرابة سنة أو أكثر، أبحث في الفهارس عن نسخة أو نسخ أخرى علي أجد فيها ما أحل به هذه النازلة المعضلة، ولما لم اظفر بشيء عزمت على تغيير الموضوع. فبدأت من جديد أبحث عن كتاب يستحق التحقيق. وفي هذه المرحلة التقيت مع أحد الأساتذة الفضلاء، فأخبرني بأن له صورة لكتاب التنبيه جلبها من خزانة الجامع الأعظم بتازة فقلت له: إني بحثت في فهارسها ولم أجد الكتاب ضمنه، فقال لي: إنه فعلاً، لم يذكر في الفهرسة (١). فأمدني مشكورًا بصورة من الكتاب. فوجدت هذه النسخة تتقارب كثيراً مع نسخة "ر" فتنفست الصعداء وبدأ يلوح لي بصيص من الأمل. وعلمت حينئذ أن الاعتماد على الفهارس غير مجد، وأن الطريقة المثلى هي جرد المكتبات والتعامل معها مباشرة. وأنى لي ذلك؟ وقد أحيطت هذه الأخيرة بترسانة من القوانين الصارمة والمعقدة. ورغم هذا فإني قصدت خزانة القرويين، فوجدتها مغلقة في وجه الزوار استعداداً لنقلها إلى المبنى الجديد، فتوسلت للمسؤولين هناك وتلطفت معهم. فاستجابوا لي مشكورين، وقدموا لي المساعدات الممكنة. فعثرت، بل اكتشفت ثلاث نسخ كانت غير معروفة من قبل. الأولى وقد أشرت إليها بـ "م" كتب عليها في الفهارس: أنه كتاب الفقه لمؤلف مجهول. والثانية أشرت إليها بـ: "ق" عثرت عليها في جناح بكر غير مفهرس، وأعطي لها حينئذ الرقم التالي: ١٨٧٥، والثالثة أشرت إليها بـ: (ص) وهي عبارة عن قطعة كانت في الصناديق ضمن المبتورات ولا رقم لها.

فهذه النسخ ر، وت، وق، وم، وص. وجمتها متقاربة تصلح للمقابلة. والنسخة الشاذة هي التي أشرت إليها بـ: ل، ألغيتها وأنا مطمئن البال مرتاح النفس، لعدة أسباب أذكر منها ثلاثة فقط:

أولاً: مخالفتها للنسخ الخمسة المذكورة. وحتى لا يبقى الكلام تجريدياً أجليه ببعض الأمثلة:

١ - جاء في مقدمة الكتاب في سبب تأليفه ما يلي: (وبعد، فإنه لما


(١) أعني الفهرسة الأولى المرقونة أمَّا الفهرسة التي طبعتها وزارة الأوقاف مؤخرًا فقد ذكر فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>