للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[* المطلب الثاني: الوضع في مصر]

لم يكن وضع مصر بأحسن حالًا من وضع العراق؛ فقد كانت مصر في هذه الحقبة أسيرة حكم العبيديين الأدعياء، الذين لم يكن لهم هم إلا منازعة العباسيين أمر الخلافة وفرض عقيدة الرفض والتشيع وإقناع الناس بصحة نسبهم لآل البيت. وقد يكون ابن بشير عاصر من حكامهم المستنصر بالله أبا تميم معد بن الظاهر الذي حكم من سنة ٤٢٧ هـ إلى سنة ٤٨٧ هـ، ثم جاء بعده المستعلي بالله بن المستنصر الذي حكم من سنة ٤٨٧ هـ إلى ٤٩٥ هى، ثم بعده ابنه الآمر بأحكام الله الذي حكم من سنة ٤٩٥ هـ إلى ٥٢٤ هـ، ثم الحافظ لدين الله الذي حكم من سنة ٥٢٤ هـ إلى ٥٤٤ هـ، ثم الظافر بالله الذي حكم من سنة ٥٤٤ هـ إلى ٥٤٩ هـ، ثم الفائز الذي حكم من سنة ٥٤٩ هـ إلى ٥٥٥ هـ.

وهؤلاء الحكام تولى أكثرهم الحكم وهم أطفال صغار؛ فالمستنصر بويع وعمره سبع سنين، وكان يسير الحكم الوزير الجرجري وبعد موت الجرجري استوزرت أم المستنصر أبا سعيد التستري اليهودي ..

وتولى الآمر بأحكام الله، والفائز بالله (١) الأمر وعمر كل منهما خمس سنين. ويذكر عن الفائز بالله أنه لما حمله وزيره على كتفيه وأخذ له البيعة من القواد والأعيان، فقالوا كلهم: سمعًا وطاعةً بصوت مرتفع، فزع الطفل وبال على كتف الوزير (٢).

هذا فضلًا عن الظلم والطغيان الذي صدر منهم ومن آبائهم في حق الرعية، بل ادعاء الربوبية. فأبو علي الحاكم الزنديق الذي قتلته أخته ست الملك سنة ٤١١ هـ. يقول الذهبي في حقه: " .. كان شيطانًا مريدًا، جبارًا


(١) السير ١٥/ ١٩٧ - ٢٠٥.
(٢) المصدر السابق ١٥/ ٢٠٥، من المفيد هنا التنبيه على أن هذه الحكاية قد تكون صحيحة، أو مما يختلقه الناس تنفيسًا أو سخرية واحتقارًا، ولكن هذا الاختلاق نفسه وإيراد العلماء له في كتب محترمة هو تعبير له دلالته ومغزاه ... فقيمة الحكاية في دلالتها وليس في صحتها أو عدم صحتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>