للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا راعينا حكم النجاسة في الطعام فإنه لا يخلو أن يكون مما تسري النجاسة في جملته كالذائبات من الأدهان وغيرها، أو لا تسري في جملته كالجامدات؛ فإن كان مما تسري في جملته حكمنا بنجاسته جميعه، وإن كان مما لا تسري في جملته حكمنا بنجاسة ما سرت فيه دون غيره، وهذا كالعسل يكون (١) جامداً فتقع فيه فيحكم بنجاسة ما سرت فيه دون غيره. ولو كان مما تسري فيه مع طول المكث نظرنا إلى طول المكث وقصره (٢)، وهذا كالسمن الجامد.

[(حكم بيع واستعمال الطعام النجس)]

وإذا حكمنا بنجاسة الطعام فهل يباح استعماله وبيعه؟ أما استعماله ففيه قولان مشهوران: أحدهما: أنه يستعمل ويتوقى من نجاسته كما قالوا في الزيت تموت فيه الفأرة، فإنه يستصبح به في غير المساجد. وقالوا في العسل تموت فيه الفأرة أيضاً تعلف به النحل. والثاني: أنه لا يستعمل أصلاً، وهذا لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال عام الفتح وهو بمكة إن الله [ورسوله] (٣) حرم بيع الخمر والخنزير والميتة والأصنام فقيل له: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها، فقال: "لا هو حرام"، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -[عند ذلك] (٤): "قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم الشحوم أجملوها ثم باعوها وأكلوا ثمنها" (٥).


(١) في (ن) كالعسل الجامد.
(٢) في (ص) و (م) لفرقنا بين طول مكثها وقصره.
(٣) ساقط من (ر) و (ت).
(٤) ساقط من (ص) و (م).
(٥) أخرجه البخاري في البيوع (٢٢٣٦)، ومسلم في المساقات (١٥٨١) بلفظ قريب من هذا. ولفظ البخاري: "عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِي الله عَنْهمَا أَنَّهُ سَمِع رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عَامَ الْفَتحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: "إن اللهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ" فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَالَ: "لاَ هُوَ حَرَامٌ" ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ: "قَاتَلَ الله الْيَهُودَ إِنَّ الله لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>