للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجتمعون بموضع ولا يريدون دعاء غيرهم إلى الصلاة فوقع في المذهب لفظان: أحدهما: أنهم إن أذنوا فحسن. والثاني: أنهم لا يؤذنون. فأراد (١) أبو الحسن اللخمي أن يجعل المذهب على قولين، (٢) وليس كذلك. بل لا يؤمرون بالأذان كما يؤمر به الأئمة وفي مساجد الجماعات. فإن أذنوا فهو ذكر، والذكر لا ينهى عنه من أراده، لا سيما إذا كان (٣) من جنس المشروع.

[(استحباب الأذان للمسافر)]

واستحب متأخرو أهل المذهب الأذان للمسافر وإن كان فذاً، لما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر أبا سعيد الخدري بالأذان إذا كان في غنمه أو باديته (٤). ولما قاله سعيد بن المسيب (٥) من أنه إذا أذن وأقام صلى خلفه أمثال الجبال من الملائكة (٦). وهذا لا يمكن أن يقوله إلا على توقيف لأن القياس لا يتسلط على مثل هذا. وإذا صح ذلك صار الأذان في حق هذا دعاء إلى الجماعة وهم الملائكة.

...


(١) في (ت) وأراد.
(٢) التبصرة: ص ٥٤.
(٣) في (ر) كان بالأذان، وإذا كان.
(٤) أخرج البخاري في الأذان ٦٠٩ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمّن بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِي ثُمَّ الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنهُ أخْبَرَهُ أَن أَبا سعيد الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ: إِنَّي أَرَاكَ تُحبُّ الغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ فَإِذَا كنتَ في غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالندَاءِ فَإِنهُ لاَ يَسمَعُ مَدَى صَوتِ المُؤَذنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَيءٌ إلاَّ شَهِدَ لَهُ يَومَ الْقِيَامَةِ.
(٥) هو: سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب أبو محمد القرشي المخزومي عالم أهل المدينة وسيد التابعين في زمانه، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر رضي الله عنه وقيل لأربع مضين منها بالمدينة. توفي سنة ٩٤ هـ. سير أعلام النبلاء ج: ٤ ص:٢١٧.
(٦) انظر مصنف عبد الرزاق ١/ ٥١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>