للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن عباس أنه لم يصل (١)، وهي دخلة واحدة. لكن بناء الحديثين على أن بلالاً حكى ما رأى وشهد، وقد دخل معه - صلى الله عليه وسلم -. وحكى ابن عباس ما ظنه, لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يطل الجلوس، ولقرب خروجه ظنه لم يصل. وقيل: وفيه معنى قول بلال صلى يعني صلاة لغوية وهي الدعاء؛ فمن عول على رواية بلال تأول ما حكاه ابن عباس، ورأى أن الفريضة كالنافلة في وجوب الاستقبال في الحضر مع الاختيار لم (٢) يؤمر بالإعادة. وتأول أبو الحسن اللخمي على [رواية] (٣) أشهب جواز الصلاة ابتداء (٤) وهو مقتضى [هذا] (٥) الذي ذكرناه، ومن عول على رواية ابن عباس وتأول ما حكاه بلال قال بمنع الصلاة وأوجب الإعادة بعد الوقت لوجود (٦) الاقتصار عن استقبال القبلة. ومن صلى في جوفها لم يستقبل حقيقة.

ومن ترجح الأمر عنده أمر بالإعادة في الوقت. ويحتمل أن يبني على المنع لكن إذا صلى أوقع ما اختلف الناس فيه، ولا (٧) تجب الإعادة إلا في الوقت، أو يبني على الصحة ولكن يؤمر بالإعادة ليخرج من الخلاف احتياطاً. هذا الالتفات إلى الآثار.

وأما الاعتبار فقد سلك أهل المذهب في تعليل المنع طريقين: أحدهما: أن المصلي في الكعبة مستدبر لبعضها، وقد أمر باستقبال جميعها، وهذا تعليل متقدمي أهل المذهب. والثاني: أن المصلي في الكعبة يستحيل في حقه التكليف؛ لأنه حيثما أدار وجهه كان إلى جدار الكعبة، وإنما يصح


(١) أخرج البخاري في الصلاة ٣٩٨ عنِ ابْنَ عَبَّاس قَالَ: لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْتَ دَعَا فِي نَواحِيهِ كُلَّهَا وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرّجَ مِنْهُ فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكعَتَينِ فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ: هَذِهِ الْقِبْلَةُ.
(٢) في (ر) ولم.
(٣) ساقط من (ر) و (ت).
(٤) التبصرة ص: ٧٩.
(٥) ساقط من (ر).
(٦) في (ق) لوجوب.
(٧) في (ق) فلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>