للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجسد (١) لقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (٢). وقد اختلف ما المراد بالمساجد هاهنا؟ هل هو ظاهر ما يدل عليه، أو المراد به الصلاة؟ وهذا مقتضى القول الشاذ. وهذا أمر، وبين الأصوليين خلاف في حمله على الوجوب أو الندب؛ فإن حملناه على الوجوب جاء منه الشاذ. وإن حملناه على الندب جاء منه المشهور.

وإذا أوجبنا ستر العورة فصلى باديها مع القدرة، هل يعيد أبداً أو في الوقت؟ قولان، وهما على ما حكيناه من الخلاف.

والستر هل هو من شرط صحة الصلاة، أو هو فرضٌ، من تركه أثم لكنه ليس بشرط في صحة الصلاة؟ وقد قدمنا القولين في الرجل يصلي بادي الفخذين هل يعيد في الوقت، أو لا إعادة عليه؟ فأما الإعادة في الوقت فيحتمل أن يكون بناء على أن الفخذين ليسا بعورة ولكنه يعيد مراعاة للخلاف، أو على أنه عورة لكن يقتصر على الإعادة في الوقت مراعاة للخلاف. وأما ترك الإعادة فيحتمل أن يكون بناء على أن الفخذين ليسا بعورة وهو الظاهر أو على أنه عورة، لكنها عورة خفيفة. ولا شك أنه يجري فيه قول ثالث بوجوب الإعادة وإن خرج الوقت بناء على أنه عورة على ترك مراعاة الخلاف.

وقد قدمنا أيضاً أن عورة الأمة كهي من الرجل. وأراد أبو الحسن اللخمي أن يجعل المذهب على قولين: أحدهما: ما قدمناه. والثاني: وجوب ستر سائر الجسد في الصلاة (٣). وعوَّل على ألفاظ وقعت في المدونة منها قوله: "لا تصلي الأمة إلا وعلى جسدها ثوب يستر جميع جسدها" (٤)، وهذا يحتمل أن يريد به الكمال لا الإجزاء. ولا شك أن من قال في الرجل يلزمه ستر جميع جسده في الصلاة يكون لزوم ذلك في الأمة أولى وأحرى عنده.


(١) في (ق) يلزم ستر الجسد في الصلاة لقوله.
(٢) الأعراف: ٣١.
(٣) التبصرة ص: ٨٢.
(٤) المدونة ١/ ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>