للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الصلاة والشعر معقوص (١). وقيل في هذا: إن الشعر يسجد (٢). والإشارة بذلك [إلى] (٣) الاسترسال وملاقاة محل الصلاة بما يكره الإنسان من شعر وثوب؛ لأن في سترهما (٤) رفاهية وكبرا عن ملاقاة محلَّ السجود بهما، وأيضاً ففعل ذلك خروج عن حالة المتذلل الخاضع.

ومن صفات الكمال إبراز اليدين حتى يلاقي بهما محل السجود. وفي الحديث النهي عن اشتمال الصَّماء (٥). وصورتها أن يشتمل بالثوب الواحد من غير أن يبرز يديه للسجود أو غيره، وهي مكروهة بالاتفاق لو (٦) لم يكن عليه إزار يستر به عورته، فإن كان عليه إزار حتى يمكنه إبداء يديه من تحت ثوبه في حين السجود ففيه قولان: الكراهية والجواز. والكراهية لعموم النهي، والجواز لقدرته على إبراز اليدين. ولا يقدر على ذلك من ليس عليه إزار؛ لأنه إن فعل ذلك بدت عورته. وعلل النهي عن اشتمال الصماء بوجهين: أحدهما: ما أشرنا إليه من ستر اليدين عند السجود، والثاني: لأنه قد يعرض للإنسان ما يفتقر إلى مدافعته بيديه ولا يمكنه ذلك مع سترهما. وعلى هذا التعليل يكره اشتمال الصماء في الصلاة وفي غيرها. ولو بدت أحد اليدين لكان مكروهاً أيضاً، وهو من باب الاشتمال. فالأكمل (٧) إذا لم يكن على المصلي سوى ثوب أن (٨) يتوشح به ويعقده على صدره إن افتقر


(١) أخرج مسلم في الصلاة ٤٩٢ واللفظ له، والنسائي في التطبيق ١١١٤، وأبو داود في الصلاة ٦٤٧ عَنْ عَبْدِ اللهَ بْنِ عَبَّاس أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللهِ بنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ فَقَامَ فَجَعَلَ يَحُلُّهُ فَلمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسِ فَقَالَ مَا لَكَ وَرَأسِي فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّمَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكتُوفٌ".
(٢) في (ر) يسجد كما يسجد.
(٣) ساقط من (ق) و (ت).
(٤) في (ق) كفتهما.
(٥) يشير إلى ما أخرجه البخاري في الصلاة ٣٦٧ ومسلم في اللباس ٢٠٩٩.
(٦) في (ق) و (م) و (ر) وإن.
(٧) في (ق) الإكمال.
(٨) في (ق) أو.

<<  <  ج: ص:  >  >>