للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثاني: أنها سنة، قاله أبو القاسم ابن محرز (١). واحتج بما في المدونة من أنه يسجد لها بعد الصبح ما لم يسفر، وبعد العصر ما لم تصفر الشمس. وشبهها بالجنائز. وهذا التشبيه يقتضي أنها سنة كالجنائز. ولا يسلم هذا الذي قاله من الاعتراض لأنه يمكن أن يحمل التشبيه على جواز السجدة (٢). والأمر به في هذا الوقت، لا على أنها تشبه الجنائز في كل الأحكام. وقد قدمنا سبب الخلاف فيما يلحق بالسنن أو يعد من الفضائل، وهو ما يدوم من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن في غير الجماعات. وسجود التلاوة (٣) من هذا القبيل. وإذا تقرر هذا قلنا: أحكام السجود تنحصر في أربعة فصول: أحدها: أعداده. والثاني: مواضعه من الآي. والثالث: شروطه وصفاته ومن يؤمر به. والرابع: أوقاته.

[(أعداده)]

فأما أعداده فقد اختلف المتقدمون من أهل المذهب في ذلك على ثلاثة أقوال: فالمشهور: أن أعداده إحدى عشرة [سجدة] (٤) ليس في المفصل منها شيء، أولها آخر الأعراف، وآخرها حم تنزيل (٥). والقول الثاني: أن أعداده خمس عشرة يضاف إلى ما سميناه سجود آخر الحج، وثلاثة في المفصل: آخر النجم، وآخر العلق (٦)، وسجدة في الانشقاق. ونذكر الخلاف في مواضعها بعده.


(١) هو: أبو القاسم بن محرز المقري القيرواني تفقه بأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران وأبي حفص تفقه به عبد الحميد الصائغ وأبو الحسن اللخمي كان فقيهاً نظاراً نبيلاً وابتلي بالجذام في آخر عمره وله تصانيف حسنة منها تعليق على المدونة سماه التبصرة وكتابه الكبير المسمى بالمقصد والإيجاز توفي في نحو الخمسين وأربعمائة رحمه الله تعالى ترجمته في شجرة ص: ١١٠ والديباج المذهب ص: ٢٢٦.
(٢) في (ت) و (ق) السجود.
(٣) في (ت) من فعل الرسول عليه السلام له ولم يظهره في الجماعة وسجود التلاوة، وفي (ر) لكن له في غير الجماعات وسجود التلاوة.
(٤) ساقط من (ر).
(٥) أي سورة فصلت.
(٦) في سائر النسخ التي وقفت عليها القلم، ولعل الصواب ما أثبته لأن القلم ليست سجدة بالاتفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>