للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل (حكم من ترك السترة ومن مر بين يديه)]

فأما حكم تعلق الإثم بمن صلى إلى غير السترة، وبالمار بين يدي المصلي؛ فإن صلى إلى غير سترة بحيث لا يؤمن المرور، وللمار مندوحة عن مروره، فقد أثما جميعا. وإن كان بحيث يأمن المرور وليس للمار مندوحة عن مروره فمر لم يأثما (١). وإن كان بحيث لا يأمن المرور وليس للمار مندوحة أثم المصلي. وإن كان بالعكس أثم المار. ومن المرور بين يدي المصلي مناولة الشيء من بين يديه وأخذ ما هو هناك. ومنه تحدُّث من على (٢) جانبه.

وينبغي للمصلي أن يمنع المار بين يديه بالإشارة، فإن فعل وإلا دفعه إن كان قريباً، دفعاً لطيفاً. وإن كان بعيداً اكتفى بالإشارة، ولا يفرط في دفعه. وقد روي أنه رفع إلى عثمان رضي الله عنه إنسان دفع ماراً وهو في الصلاة فكسر أنفه. فقال: لو تركته لكان أهون من هذا (٣)، ولم يذكر في الآثار أنه ألزمه الدية. وقال أهل المذهب: لو دفعه فسقط فمات لكان كقتل الخطأ، وتكون ديته على العاقلة. وأجراه أبو محمد عبد الحق على الخلاف في من عض إنساناً، فأخرج المعضوض يده فكسر سن العاض؛ ففيه قولان: هل يكون على الكاسر ديته أم لا؟ وهذا أصل مختلف فيه في المذهب. وهو في كل من أُذِنَ له إذن خاص في فعل يفعله فأدى إلى الإتلاف؛ ففيه قولان: هل يرفع الإذن ما كان عنه من الإتلاف (٤).

...


(١) في (ق) لم يأثم واحد منهما.
(٢) في (ر) من هو.
(٣) أخرْج عبد الرزاق في مصنفه ٢/ ٣٤ عن مالك قال: "بلغني أن رجلاً أتى عثمان ابن عفان برجل كسر أنفه فقال له مَرَّ بين يدي في الصلاة وأنا أصلي وقد بلغني ما سمعته في المار بين يدي الصلي، فقال له عثمان: فما صنعت شر يا ابن أخي ضيعت الصلاة وكسرت أنفه". وانظره في المحلى لابن حزم عن مالك ٣/ ٨٨.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: وقد بلغني أن عمر بن عبد العزيز في أكثر ظني ضمن رجلاً دفع آخر من بين يديه وهو يصلي فكسر أنفه دية ما جنى على أنفه ٤/ ١٨٩.
(٤) كذا في (ر) و (ق) و (م) وخرم في (ت). والكلام غير تام.

<<  <  ج: ص:  >  >>