للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا ثبت أنه ركعة واحدة، فهل يكتفي به المعذور (١) من غير تقديم نافلة بعد العشاء الآخرة؟ في ذلك قولان. ومثار الخلاف، هل هي وتر للنفل المختص بالليل فيتقدم قبلها شفع ولا يجزي الاقتصار عليها؟ وفي الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن البتر" (٢)، وهي الركعة الواحدة من غير شفع قبلها. أو هي وتر لصلاة العشاء الآخرة، فيكتفي بها؟ وإنما يؤمر بالتنفل قبلها مع الاختيار.

وإذا قلنا بتقديم شفع فلا بد. فهل يلزم اتصاله بالوتر؟ أو يجوز وإن فرق بينهما بالزمان الطويل؟ في المذهب قولان: أحدهما: لزوم الاتصال، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَثْنَى مَثْنَى" الحديث (٣)، فظاهر هذا، الأمرُ بالاتصال. والقول الثاني جواز الانفصال؛ لأنها ركعة مستقلة بنفسها فأشبهت صلاة المغرب التي هي وتر الفرائض. فلا يفتقر إلى تقدم شيء متصل بها.

وإذا كان من حكمها الشفع فهل يلزم أن يوتر بشفع يختص (٤) بها، أو ينوب منابه (٥) كل نافلة؟ في المذهب قولان. والصحيح أنه مخير إن شاء


(١) غير واضحة في (ر).
(٢) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وقريب منه ما أخرجه ابن عبد البر في التمهيد ١٣/ ٢٥٤ عن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن البتيراء؛ أن يصلي الرجل ركعة واحدة يوتر بها. ثم قال ابن عبد البر في أحد الرواة: "هو عثمان بن محمد بن أبي ربيعة بن عبد الرحمان، قال العقيلي: الغالب على حديثه الوهم"، وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ٥/ ٦٨: "قال ابن القطان: هذا حديث شاذ لا يعرج على رواته"، وقال العجلوني في كشف الخفاء ١/ ٣٣٠: "رواه عبد الحق في الأحكام بسند فيه عثمان بن محمد بن ربيعة الغالب عليه الوهم ... وقال النووي في الخلاصة: حديث محمد بن كعب في النهي عن البتيراء مرسل ضعيف"، وذكره الشوكاني في نيل الأوطار٣/ ٣٩ عن محمد بن كعب القرظي، وقال: "قال العراقي: وهذا مرسل ضعيف"، وقال ابن حزم في المحلى٣/ ٤٨ "لم يصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهي عن البتيراء".
(٣) سبق تخريجه.
(٤) في (ت) بالشفع مختصاً.
(٥) في (ق) مناب.

<<  <  ج: ص:  >  >>