للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرط فهل تشترط فيها الطهارة الصغرى؟ قولان. وهما على ما قدمناه؛ فمن نفى الاشتراط عوَّل على أنها ذكر وقراءة فلا يشترط الوضوء لذلك، ومن أثبته عول (١) على أنها بدل عن الركعتين في الظهر، وقد احتج لفرضيتها بقوله تعالى: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (٢). قال الناقلون: إنه قائم في الخطبة فذمهم على الهروب عنه - صلى الله عليه وسلم-في حال الخطبة. وذلك يدل على وجوبها ولا يستقل [من] (٣) هذا دليل، إلا على أن (٤) الهروب حينئذ غير جائز. وأما وجوب الخطبة فلا يظهر منه.

وهل من شرطها حضور الجماعة لها؟ قال القاضي أبو محمد وغيره من البغداديين: مقتضى المذهب اشتراطه مع عدم النص عليه. واستقرأه أبو الوليد الباجي من المدونة من قول مالك رحمه الله: ولا تجزئ الجمعة إلا بالجماعة والإمام يخطب (٥). ولا شك أن مقتضى هذا اللفظ في اللسان ما قاله, لأن قوله: والإمام يخطب، معناه: الحال. فيكون بجماعة في حال خطبة الإمام. وهذا لو عوَّل عليه من كلام صاحب الشرع لكان له وجه. ولا يخفى أن ألفاظ المدونة لا يعول فيها على مثل هذا. على أن ظاهر المسألة من أولها يشهد بخلاف ما قال، ولأنه قال في الإمام يخطب فيهرب الناس عنه ولا يبقى معه إلا الواحد أو الاثنان وما لا عدد له من الجماعة وهو في خطبته أو بعد ما فرغ منها: أنهم إن لم يرجعوا إليه [فيصلي بهم (٦) الجمعة، صلى ظهراً أربعاً. قال: لأن الجمعة لا تكون إلا بالجماعة والإمام يخطب. فظاهر هذا أنهم إن لم يرجعوا إليه] لم يصل بهم الجمعة. فهذا يشهد بأن الجماعة مشروطة في الصلاة لا في الخطبة، على أننا لا ننازعه في أن اللفظ محتمل لما قال.


(١) في (ر) بناء.
(٢) الجمعة ١١.
(٣) ساقط من (ق) و (ر) و (ت).
(٤) في (ر) دليل لأن.
(٥) في (ر) بخطبة.
(٦) انظر المدونة ١/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>