للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (١)، وولاة أئمة العدل بمنزلة الإمام في هذا. والثاني: أنها إلى أرباب الأموال لأنّ الإمام كالوكيل، فإذا أخرجها الإنسان وأصاب مواضع الزكاة أجزأته. وإذا أخرجها من وجبت عليه واجتهد في إعطائها فظهر صحة اجتهاده أجزأته. وإن ظهر عكس ذلك فقولان: أحدهما: أنها لا تجزيه، والثاني: أنها تجزيه. وكذلك في الكفارة إذا دفعها مجتهد، ثم تبيّن أن آخذها غير مستحق لها ففيه قولان: أحدهما: أنها تجزيه، والثاني: عكسه. وهو على الخلاف في الاجتهاد هل يرفع الخطأ أم لا؟ وهذا إذا فاتت في يد آخذها ولم يقدر على استرجاعها، وأما إن قدر على ذلك أخذها منه وأديت إلى مستحقها.

...

[فصل (حكم نقل الزكاة إلى مكان آخر)]

وإذا وجبت الزكاة فأديت إلى فقراء الموضع الذي وجبت فيه أجزت بلا خلاف. فإن أديت إلى غيرهم؛ فإن كان بأهل الموضع حاجة وغيرهم ليس بمنزلتهم لم تجز، وإن تساوت الحالات فهل يجزي إخراجها إلى غير الموضع الذي وجبت فيه؟ فالمذهب على قولين. وسبب الخلاف قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ "فأخبرهم -يعني أهل اليمن- أن الله أوجب عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم" (٢)، فهل يحمل ذلك على فقراء المسلمين أو فقراء أهل الموضع؟ هذا سبب الخلاف.

وإن نزلت بقوم حاجة فقد أمر مالك أن ينقل إليهم من الزكاة. وظاهر


(١) التوبة: ١٠٣.
(٢) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وقد أخرجه البخاري في الزكاة ١٤٥٨، ومسلم في الإيمان ١٩. ولفظ مسلم عن ابنِ ابْنِ عَبَّاس أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا بَعَثَ مُعَاذاً إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: "إِنكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْم أَهلِ كِتَاب فليَكُن أَوْلَ مَا تَدعُوهُم إِلَيهِ عِبَادةُ الله عَز وَجَل فَإذا عَرَفُوا الله فَأَخبِرْهُمْ أَن اللهَ فَرَض عَلَيهِم خَمسَ صَلَوَات في يَوْمِهِم وَلَيلَتِهِم فإذا فعَلوا فَأخبِرْهُمْ أَن اللهَ قَدْ فرَضَ عَلَيْهِم زَكَاة تُؤْخَذُ من أَغنِيَائِهِم فَترَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِم فَإذا أطَاعوا بِهَا فَخُذْ مِنْهُم وْتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>