للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عثمان القيسي والشيخ أبا القاسم بن زيتون فقال: "سألته رحمه الله (١) تعالى عن اختيارات أصحابنا المتأخرين من الفقهاء؛ كاللخمي، وابن بشير، وغيرهما. هل تحكى أقوالًا عن المذهب، فيقال مثلا: في المذهب ثلاثة أقوال، بما يقوله اللخمي أو لا؟ فقال لي: إنما تكون الحكاية بحسب الواقع، فيقال: في المذهب قولان. ويقال: وقال اللخمي كذا أو فلان، ويعزى إليه ما قال. وسألت عن هذه القضية شيخنا الفقيه أبا القاسم بن زيتون، فقال لي: نعم، يحكى قول اللخمي وغيره قولًا في المذهب، كما يحكى قول من تقدم من الفقهاء قولًا في المذهب. وهذان الجوابان جيدان، أما جواب الفقيه أبي العباس فإنه مبني على سبيل التوقف والورع، وأما جواب الفقيه أبي القاسم، فإنه مبني على سبيل النظر. لأنه رأى أن كل جواب بني على أصول مذهب مالك وطريقتة، فإنه من مذهبه. والمفتي به إنما أفتى على مذهبه، فيصح أن تضاف هذه الأقوال إلى المذهب وتعد منه" (٢).

هكذا نرى أن ابن بشير رحمه الله استطاع أن يصل إلى درجة تؤهله للانفراد بقول داخل المذهب، وأن يحكى قوله ضمن الأقوال المعتبرة في المذهب. ولعل هذا ما دفع بابا التمبكتي إلى أن يصنفه ضمن فحول المذهب وأئمته، وأن يرفعه عن الشراح. وقد جاء هذا التصنيف عرضا ذكره عند حديثه عن عمر بن محمد المعروف بالقلشاني، فقال: "ينقل كلام ابن عبد السلام ويذيله بكلام غيره من الشراح كابن راشد وابن هارون والناصر المشدالي وخليل وابن عرفة وابن فرحون وغيرهم، مع البحث معهم. ويطرزها بنقل كلام فحول (٣) المذهب كالنوادر وابن يونس والباجي واللخمي وابن رشد والمازري وابن بشير وسند وابن العربي وغيرهم" (٤).

ففي هذا النص قسم باب التمكيني العلماء إلى قسمين: شراح


(١) يعني أبا العباس القيسي.
(٢) عنوان الدراية ص: ١٠٠.
(٣) في كفاية المحتاج [أئمة]، بدل [الفحول] ١/ ٣٢٧.
(٤) نيل الابتهاج ص:٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>