للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يَمْرُقُونَ مِنْ الدَّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ" (١)، وقال في آخر الحديث: "وَتَتَمَارَى في الْفُوقِ". وهذه إشارة إلى خلاف الناس في تكفيرهم والمناظرة فيه؛ فلا شك أن من حكم بكفرهم حكم ببطلان الاقتداء بهم، ومن حكم بأنهم غير كفار فلا يحكم ببطلان الصلاة وراءهم كالزنديق." (٢).

أما بالنسبة للقدري، فإنه حسم الخلاف فيه ورأى عدم جواز الصلاة وراءه، فقال: "وفي الكتاب: في الإمام القدري أنه لا يصلى خلفه. قال: ولا الجمعة إن استيقنت ذلك، وإن كنت تتقيه وتخافه على نفسك فصلها معه وتعيدها ظهرًا أربعًا" (٣).

وبالنسبة للشيعي فإنه يحكي أحد الأقوال التي ترى أن الإمام إذا زاد عن أربع تكبيرات في صلاة الجنازة لا ينتظر، ويسلم المأمومون كي لا يتشبهوا بأهل التشيع حيث صارت التكبيرات الخمس شعارًا لهم. كل ذلك حماية للذريعة في موافقتهم (٤) ..

أما واجهة التنبيه على الشعائر الفرعية المخالفة للسنة فهي كثيرة نذكر منها نموذجين اثنين:

الأول: منعه للنافلة جماعة في غير رمضان بحجة أن ذلك بدعة فقال: "وأما الجمع فلا خلاف في جوازه في نافلة رمضان، لكن الانفراد عند مالك رحمه الله أفضل. وأما غير ذلك من النوافل فإن كان الجمع في الموضع الخفي والجماعة يسيرة جاز. وقد تنفل - صلى الله عليه وسلم - في بيته واقتدى به ابن عباس. وصلى عليه السلام في بيت من بيوت أصحابه واقتدى به الصبي والرجل والمرأة. وإن كان الموضع مشهورًا والجماعة كثيرة فكرهه عبد الملك بن حبيب، وهو مقتضى المذهب. ومنه ما يفعل في بعض البلاد من الجمع ليلة نصف شعبان وليلة عاشوراء. ولا يختلف المذهب في كراهيته. وينبغي


(١) أخرجه البخاري في المناقب (٣٦١٠)، ومسلم في الزكاة (١٠٦٤).
(٢) انظر ص: ٤٤٣ من هذا الكتاب.
(٣) انظر ص: ٤٤٤ من هذا الكتاب.
(٤) انظر ص: ٦٧١ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>