للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن قولكم: إنه لا يرفع الحدث، فإن كان المراد به أنه لا يرفع الأسباب الموجبة للحدث كالريح والوطء فكذلك الوضوء؛ لأن رفع الأسباب محال.

وإن كان المراد أنه لا يرفع المنع الشرعي من الإقدام على العبادة، فإن المنع قد ارتفع بالضرورة، فإن الإباحة ثابتة إجماعًا، ومع الإباحة لا منع (١).

الوجه الثالث: أن المتيمم إنما يعود حدثه إذا وجد الماء؛ لأن الأصل في التيمم أنه يرفع الحدث إلى حين وجود الماء، فإذا وجد الماء بطل التيمم أصلاً.

الوجه الرابع: أن بطلان التيمم برؤية الماء، دليل على أنه بمنزلة الماء عند عدمه، فدل ذلك على أن التيمم يرفع الحدث كالماء.

٢ ـ أن التيمم طهارة عن حدث تستباح به الصلاة، فأشبه الطهارة المائية (٢).

الترجيح:

الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الثاني القائل بأن التيمم يرفع الحدث إلى حين وجود الماء، وذلك لما يلي:

١ ـ لقوة أدلتهم، وإفادتها المراد، وسلامتها من الاعتراضات القادحة.

٢ ـ ضعف أدلة القول الأول بما حصل من مناقشتها.

٣ ـ أن الشريعة الإسلامية قد دلت على أن التيمم طهور حال عدم الماء، فوجب أن يعمل عمل الماء ما بقي شرطه، حتى يقوم دليل شرعي على خلاف ذلك.


(١) الذخيرة (١/ ٣٦٥).
(٢) البيان (١/ ٢٧٥)، الشرح الكبير لابن قدامة (٢/ ٢٢٨).

<<  <   >  >>