للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وآدابه، وفيها فصول هامة في كيفية كتابة الحديث، وفي تجويد الخط ووجوب الإعجام والشكل حذرًا من التصحيف، ووجوب المعارضة بالكتاب للتصحيح وإزالة الشك والارتياب وعقد الخطيب فصلاً في كتابه " الجامع " نص فيه على: «بَعْضُ أَخْبَارِ أَهْلِ الْوَهْمِ وَالتَّحْرِيفِ وَالْمَحْفُوظِ عَنْهُمْ مِنَ الْخَطَأِ وَالتَّصْحِيفِ» (١). ونقل عنهم صورًا مما حرفوه في السند، ثم عقد فصلاً آخر بعنوان (مَنْ صَحَّفَ فِي مُتُونِ الْأَحَادِيثِ) (٢) ويعقد الرامهرمزي فصلين لبيان فضل من جمع بين الرواية والدراية وأن الرواة من تشتبه أسماؤهم أو كناهم، وهؤلاء محل إشكال، فإن منهم الثقة والضعيف، ويزداد الإشكال إذا كانوا في عصر واحد أو يروون عن شيخ واحد ثم يقول في نهاية الفصل الخاص بالمشكلة أسماؤهم أو كُناهم، مشيدًا بأهل الحديث ناعيًا على من يجهل هذا الباب ممن ينتسب إلى الحديث دون أن يعد له عدته: «فَهَذَا بَابٌ مِنَ الْعِلْمِ جَسِيمٌ، مَقْصُورٌ عِلْمُهُ عَلَى أَهْلِ الحَدِيثِ الَّذِينَ نَشَؤُوا فِيهِ، وَعَنُوا بِهِ صِغَارًا، فَصَارَ لَهُمْ رِيَاضَةٌ، وَلاَ يَلْحَقُ بِهِمْ مَنْ يَتَكَلَّفُهُ عَلَى الْكِبَرِ ... وَأَيُّ شَيْءٍ أَقْبَحُ مِنْ شَيْخٍ لَنَا يَتَصَدَّرُ مُنْذُ زَمَانٍ، كَتَبَ بِخَطِّهِ: وَكِيعٌ عَنْ شُقَيْقٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ حَدِيثًا، يَفْتَحُ القَافَ فِيهَا كُلَّهَا، وَيُنْقِطُهَا، وَيُحَلِّقُهَا، وَلاَ يَعْرِفُ سُفْيَانَ مِنْ شَقِيقٍ، وَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ عَصْرَيْهِمَا، وَلاَ يُمَيِّزُ عَصْرَ وَكِيعٍ مِنْ عَصْرِ كُبَرَاءِ التَّابِعِينَ وَالْمُخَضْرَمَةِ، ثُمَّ هُوَ مَعَ ذَلِكَ إِذَا تَكَلَّمَ أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ، وَإِذَا أَفْتَى فِي بَلْوَى أَغْمَضَ تَكَبُّرًا عَيْنَيْهِ» (٣).

إن طلبة الحديث ممن لا فقه لهم ولا ثقافة قد لاقوا مقاومة عنيفة من المحدثين وباءوا بقسط وافر من الذم، حتى أن أئمة من أهل الحديث كرهوا الاشتغال براية الحديث وندموا على ما أسمعوه لطلبتهم عندما لمسوا سوء


(١) لوحة ٥٩.
(٢) لوحة ٦٣.
(٣) " المحدث الفاصل ": ص ١٤١، ١٤٢.

<<  <   >  >>