للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الأمر الأمر الأول الذي قرَّرناه، والذي أردنا منه أن نسوي


= وهي بطن من همدان، والنخع وهمدان قبيلتان يمنيتان، وَشُرَيْحٌ من كندة من اليمن، وحماد بن أبي سليمان الأشعري بالولاء، وأشعر قبيلة من اليمن، ثم استنتج من هذا أنهم متأثرون بمعاذ بن جبل - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرسله إلى اليمن قاضيًا ومعلمًا، وكان من أعلم الصحابة بالحلال والحرام، ثم قال: «قَلِيلُ هَؤْلَاءِ اليَمَنِيِّينَ كَانُوا مُتَأَثِّرِينَ بِمَبْدَأِ مُعَاذٍ وَتَعَالِيمِهِ وَفِقْهِهِ، وَبِالفِعْلِ نَجِدُ بَعْضَ أَعْلَامِ هَذِهِ المَدْرَسَةِ كَالأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدٍ النَّخَعِيِّ مِنْ تَلَامِيذِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ» (انظر " ضحى الإسلام ": ٢/ ١٨١، ١٨٣).
وحقًا أن الأسود روى عن معاذ كما روى عنه أيضًا من تابعي الكوفة عمرو بن ميمون اليماني المتوفى سنة ٧٤ أو ٧٥ هـ (انظر " تذكرة الحفاظ ": ١/ ٦١)، ولكن هذا لا يعني أن معاذًا كان معلم مدرسة الكوفة أو أنه كان ذا أثر كبير في اتجاهها، لما يأتي:
١ - قصر فترة إقامة معاذ باليمن، فهي لا تعدو سنتين، وهذه فترة لا تكفي للتأثر في تابعي الكوفة على فرض لقائهم له في اليمن.
٢ - لا يلزم من ظاهرة انتشار اليمانية بالكوفة أنهم متأثرون بمعاذ، فاليمانية يُكَوِّنُونَ الكثرة في أقطار كثيرة منها مصر، حتى قال عبد العزيز بن مروان والي مصر مخاطبًا الخليفة: «كَيْفَ المُقَامَ بِبَلَدٍ لَيْسَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ بَنِي أَبِي؟» (انظر " الوُلاة والقُضاة " للكندي: ص ٤٧).
٣ - قَالَ ابْنُ المَدِينِيِّ: «لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ لَهُ أَصْحَابٌ حَفِظُوا عَنْهُ، وَقَامُوا بِقَوْلِهِ فِي الفِقْهِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ». (" سير أعلام النبلاء ": ٢/ ٣١٣). «وَيُقَرِّرُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ لَهُ أَصْحَابٌ مَعْرُوفُونَ حَرَّرُوا فُتْيَاهُ وَمَذَاهِبَهُ فِي الفِقْهِ غَيْرَ ابْنِ مَسْعُودٍ» (" إعلام الموقعين ": ١/ ٢٢). هَذَا يُبيِّنُ أنهم متأثرون بعبد الله بن مسعود، وَعَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: «كَانَ فِينَا سِتُّونَ شَيْخًا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ». (" الطبقات " لابن سعد ج ٧ ص ٥). «وَلِذَلِكَ أَوْصَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ نَفْسُهُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ [الْأَوْدِيَّ] وَغَيْرَهُ أَنْ يَلْتَقُوا بِابْنِ مَسْعُودٍ وَأَنْ يَطْلُبُوا العِلْمَ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ أَرْبَعَةٍ، أَحَدُهُمْ ابْنُ مَسْعُودٍ». (انظر " إعلام الموقعين ": ١/ ١٦، ١٧، ٢٨).

<<  <   >  >>