للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هَلَكْتُ. قَالَ: «وَمَا أَهْلَكَكَ؟»، قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟»، قَالَ: لَا، [قَالَ: «اجْلِسْ»]، فَجَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، - وَالعَرَقُ: المِكْتَلُ الضَّخْمُ -، قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ»، فَقَالَ: مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَحَدٌ أَفْقَرَ مِنَّا، قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، قَالَ: «فَخُذْهُ، فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» (١).

وقد اتفق العلماء على أن من أفطر في رمضان متعمدًا بالجماع، فعليه الكفارة الموضحة في الحديث.

واختلفوا فيمن أفطر متعمدًا من أكل أو شرب: فذهب بعضهم إلى أن عليه القضاء والكفارة. وقاسوا تعمد الإفطار بالأكل والشرب على تعمد الإفطار بالجماع، إذ المقصود تعمد هتك حرمة الصيام بما يفطره لا خصوص الجماع. وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وإسحاق والأحناف والمالكية وغيرهم.

وذهب بعض العلماء ومنهم الشافعي وأحمد وأصحاب السنن إلى أن الكفارة مخصوصة بالجماع المتعمد في نهار رمضان، دون تعمد الإفطار بالأكل والشرب، لأن الكفارة المذكورة في الحديث إنما جاءت فيمن جامع، ولا يشبه الأكل والشرب الجماع (٢).


(١) " الترمذي ": ٣/ ٢٥٠، ثم فصل آراء العلماء في ٣٥١، ٣٥٣، ويقصد بقوله: «لَابَتَيْهَا» [الحَرَّتَيْنِ]، وهي تلال سوداء تحيط بالمدينة.
(٢) انظر " البخاري ": ١/ ٢١٧، ٢١٨؛ و" أبا داود ": ٢/ ٤٢٠، ٤٢٢؛ و" ابن ماجه ": ١/ ٢٦٣، ٢٦٤.

<<  <   >  >>