للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البَيْعِ، وَالخِدَاعُ لَا يَجُوزُ) (١).

ويقرر ابن حزم مذهب الظاهرية فيقول: «وَلَا يَحِلُّ [لِأَحَدٍ] تَلَقِّي الجَلَبِ، سَوَاءٌ خَرَجَ لِذَلِكَ أَوْ كَانَ [سَاكِنًا] عَلَى طَرِيقِ الجَلَّابِ، وَسَوَاءٌ بَعُدَ مَوْضِعُ تَلَقِّيهِ أَمْ قَرُبَ، وَلَوْ أَنَّهُ عَلَى السُّوقِ عَلَى ذِرَاعٍ فَصَاعِدًا، لَا لِأُضْحِيَّةٍ، وَلَا لِقُوتٍ، وَلَا لِغَيْرِ ذَلِكَ، أَضَرَّ ذَلِكَ بِالنَّاسِ أَوْ لَمْ يَضُرَّ.

فَمَنْ تَلَقَّى جَلَبًا - أَيَّ شَيْءٍ كَانَ - فَاشْتَرَاهُ فَإِنَّ الْجَالِبَ بِالْخِيَارِ إذَا دَخَلَ السُّوقَ مَتَى مَا دَخَلَهُ وَلَوْ بَعْدَ أَعْوَامٍ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ، أَوْ رَدِّهِ».

واستدل بما رواه مسلم عن أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَلَقَّوْا الجَلَبَ، فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ، فَهُوَ بِالخِيَارِ» (٢).

ويلاحظ أن البخاري لم يرو هذا الحديث، فلم يثبت الخيار للبائع لذلك.

• • •

هذه بعض الأمثلة (٣) التي تصور جانبًا من فقه المحدثين، وقد رأينا كيف اقتصروا في بعضها على مورد النص، وقدمنا مثالاً لذلك قصرهم على الكفارة على متعمد الفطر في رمضان بالجماع، دون غيره من المفطرات، ورأينا كيف أن أصحاب الصحاح والسنن جميعًا قد ذهبوا إلى ذلك، التزامًا منهم بمورد النص، وكيف أن الإمام أحمد بن حنبل قد أنكر على من سأله


(١) " البخاري ": ٢/ ١٢؛ " النووي على مسلم ": ١٠/ ١٦٣؛ و" أبا داود ": ٣/ ٣٦٥، ٣٦٦؛ و" ابن ماجه بحاشية السندي ": ٣/ ٨؛ و" بداية المجتهد ": ٢/ ١٣٨.
(٢) " المحلى "، لابن حزم: ٨/ ٤٤٩، ٤٥٢.
(٣) ومن الأمثلة النهي عن النجش أو التناجش. ورأيهم في بطلان الصلاة في الأرض المغصوبة، وبطلان كل عقد منهي عنه، حتى البيع في وقت النداء يوم الجمعة (انظر " البخاري بحاشية السندي ": ٢/ ١١؛ و" النووي على مسلم ": ١٠/ ١٥٩؛ و" المستصفى ": ١/ ٧٩؛ و" المغني ": ٤/ ٢١٢).

<<  <   >  >>