للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المسائل التي أفتى فيها الإمام أحمد بن حنبل، معتمدًا عل أصل سد الذرائع:

[أ] أنه يكره الشراء ممن يرخص السلع، ليصرف الناس عن الشراء من جار له. قصدًا إلى الإضرار به، لأن الشراء منه إغراء له بمضارة جاره. وقد يؤدي فعله إلى الاحتكار، بأن نزول منافسة غيره، فيستبد فيما بعد بالأسعار، والامتناع عن الشراء منه ذريعة عن الشراء منه ذريعة إلى امتناعه عن إنزال الضرر بجاره.

[ب] حرم أحمد بيع العصير ممن يعتقد أنه يتخذه خمرًا، والبيع باطل إذا علم البائع قصد المشتري ذلك. وإذا كان الأمر محتملاً فالبيع جائز. وحكى ابن المنذر عن الحسن وعطاء والثوري: أنه لا بأس ببيع التمر لمن يتخذه خمرًا. قال الثوري: «بِعْ الحَلاَلَ مِمَّنْ شِئْتَ».

كما حرم أحمد بيع السلاح عند الفتنة، لأنه ذريعة إلى الشر، وإعانة على المعصية. وفي معنى هذا البيع عند أحمد كل بيع أو إجارة أو معارضة تعين على معصية. كبيع السلاح لمن يحاربون المسلمين، أو للبغاة، أو لقطاع الطريق، وكإجارة الدور والحوانيت لمن يقيم فيها سوقًا للمعاصي، كالمراقص والملاهي المحرمة. قال في " المغني ": «وَهَكَذَا الحُكْمُ فِي كُلِّ مَا يُقْصَدُ بِهِ الْحَرَامُ ...» (١).

ومما يذكر أن أهل الظاهر مع عدم اعتبارهم الذرائع، وإنكارهم على من يقول بها كما قدمنا (٢) - يتفقون مع أحمد في هذا الحكم، ولكنهم


(١) انظر " المغني ": ٤/ ٢٢٣، ٢٣٣؛ و" ابن حنبل "، للأستاذ أبو زهرة: ص ٣٢١؛ و" إعلام الموقعين ": ٣/ ١٢٩، ١٣٥.
(٢) انظر: ص ٣٧٧ من هذا البحث.

<<  <   >  >>