للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَجَعَلْتُ [أَنْظُرُ]، فَقَالَ: يَا بُنَيَّةَ أَخِي أَتَعْجَبِينَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، [هِيَ] مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ، أَوْ مِنَ الطَّوَّافَاتِ».

كما روى عن ابن عباس، والحسين بن علي أنهما قالا: «الهِرُّ مِنْ مَتَاعِ البَيْتِ»، ثم قال ابن أبي شيبة:

- «وَذُكِرَ [أَنَّ] أَبَا حَنِيفَةَ، أَنَّهُ كَرِهَ سُؤْرَ السِّنَّوْرِ».

- جاء في " الهداية ": «وَسُؤْرُ الهِرَّةِ طَاهِرٌ مَكْرُوهٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لأَنَّ " النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - كَانَ يُصْغِي لَهَا الإِنَاءَ فَتَشْرَبُ مِنْهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِهِ "» (١).

ويعلل الكمال بن الهُمام لما ذهب إليه أبو حنيفة، بأن توهم النجاسة أصل صحيح، دل عليه حديث الأمر بغسل اليد قبل إدخالها الإناء عند الاستيقاظ من النوم، والقطة لا تتحامى النجاسة، وحديث إصغاء الإناء لها يعمل على زوال هذا التوهم، فتبقى الكراهية.

ولكن الطحاوي يرى أن حديث أبي قتادة في إصغاء الإناء للهرة، لا يفيد طهارة الماء الذي شربت منه، وليس قول الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، [هِيَ] مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ» - نَصًّا في طهارة سؤرها لأنه يجوز أن يكون أريد به كونها في البيوت ومماستها الثياب: فأما ولوغها في الإناء فليس في ذلك دليل أنه يوجب النجاسة أولاً، وإنما المذي في الحديث هو فهم أبي قتادة ورأيه واجتهاده، وقد رأينا أن وجود الكلاب في المنزل للحراسة غير مكروه، في حين أن سؤرها مكروه، ثم روى الطحاوي عن أبي هريرة مرفوعًا وموقوفًا: «طَهُورُ الإِنَاءِ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الهِرُّ أَنْ يُغْسَلَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ».


(١) " الهداية ": ١/ ٧٦.

<<  <   >  >>