للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعارض في الآثار، فقد ورد الجهر وورد الإسرار، فاختلف في الأفضل، وكل ذهب إلى ما ترجح عنده، فليس في الأمر مخالفة للآثار، وإنما هو اختلاف الترجيح. قال ابن جرير الطبري: «وَالصَّوَابُ أَنَّ [الخَبَرَ] بِالجَهْرِ بِهَا وَالمَخَافَةَ صَحِيحَانِ وَعَمَلَ بِكُلٍّ مِنْ فِعْلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ وَإِنْ كُنْتَ مُخْتَارًا خَفِّضِ الصَّوْتَ بِهَا إذْ كَانَ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى ذَلِكَ» (١).

٦ - زِيَادَةُ رَكْعَةٍ خَامِسَةٍ سَهْوًا:

وَبِسَنَدِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا، [فَقِيلَ لَهُ: إِنَّك صَلَّيْتَ خَمْسًا؟ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ]».

- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " إِذَا لَمْ يَجْلِسْ فِي الرَّابِعَةِ أَعَادَ الصَّلاَةَ "»

روى الحديث السابق أصحاب الصحاح والسنن وذهبوا إليه (٢) كما ذهب إليه أيضًا الشافعي وأحمد وإسحاق. أما أبو حنيفة والثوري فقد ذهبا إلى أن من سها عن القعدة الأخيرة حتى قام إلى الخامسة، وجب عليه الرجوع إلى القعدة، ويلغي الركعة الخامسة، ما لم يسجد لها، وعليه السجود للسهو. فإذا لم يرجع إلى القعدة وسجد للخامسة، بطل فرضه وتحولت صلاته نفلاً، وعليه أن يأتي بسادسة.

ويجيبون عن الحديث السابق بأنه ساكت عن محل النزاع، لأن لفظه يصدق مع ترك القعدة الأخيرة ومع فعلها، فلا يدل على خصوص محل النزاع فتبقى المسألة في محل الاجتهاد (٣).


(١) " الجوهر النقي " على هامش " سنن البيهقي ": ٢/ ٥٨.
(٢) انظر " البخاري ": ١/ ١١٩؛ و" مسلم بشرح النووي ": ٥/ ٦٤، ٦٦؛ و" الترمذي ": ٢/ ١٨٥؛ و" أبا داود ": ١/ ١؛ و" النسائي "؛ و " ابن ماجه ": ١/ ٣٨٠؛ و" الأم ": ١/ ١١١، ١١٦.
(٣) " فتح القدير "؛ و" العناية ": ١/ ٣٦٣، ٣٦٤.

<<  <   >  >>