للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقت طلوع الشمس، ووقت غروبها، ومن لدن تصلى صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، واختلفوا في وقتين: في وقت الزوال، وفي الصلاة بعد العصر، فمذهب مالك إلى أن الأوقات المنهي عنها أربعة: الطلوع، والغروب، والزوال، وبعد الصبح. وذهب الشافعي إلى أن هذه الأوقات الخمس كلها منهي عن الصلاة فيها إلا وقت الزوال يوم الجمعة. واستثنى قوم من ذلك الصلاة بعد العصر.

وقد ذهب أبو حنيفة إلى أنه لا تجوز صلاة بإطلاق - أي لا فريضة ولا نافلة - في أوقات ثلاثة: عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وعند استوائها في وقت الظهيرة، لا يستثنى من ذلك إلا عصر يومه، فإنه يجوز صلاته عند الغروب إذا نسيه.

أما الوقتان الآخران: وهما بعد أن تصلى الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد أن تصلى العصر حتى تغرب - فقد كره أبو حنيفة أن تصلى فيهما النوافل، ولا بأس عنده أن يقضى فيهما ما فات من الفرائض (١)، وعلى ذلك لا بأس أن يصلي الرجل مع الإمام صلاة كان قد صلاها في منزله، ما لم تكن هذه الصلاة هي المغرب لأن التطوع لا يكون وترًا، وما لم تكن هذه الصلاة مما لا يجوز التطوع بعدها، كصلاة الفجر والعصر، لما روي من الأحاديث الصحيحة التي تفيد النهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس.

وقد تبين أن سبب الخلاف هو الاختلاف في كيفية الجمع بين هذه الأحاديث المتعارضة، فعلى حين تفيد بعض الأحاديث النهي عن عموم الصلاة فرضًا أو نافلة في أوقات معينة، تفيد أحاديث أخرى وجوب أداء الصلاة للنائم والناسي، متى استيقظ أو تذكر، لا فرق بين وقت وآخر. وقد طبق كل من أبي حنيفة وأهل الحديث مذهبه؛ فأبو حنيفة طبق مبدأ الاطراد عنده، وأخذ بالعام على عمومه وجعله ناسخًا لما خالفه، أما أهل


(١) " فتح القدير ": ١/ ١٦٦٠.

<<  <   >  >>