للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ بِـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}. وَعَنْ زَيْدِ [بْنِ عُقْبَةَ]، عَنْ سَمُرَةَ [بْنِ جُنْدُبٍ] فِي الجُمُعَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَرَأَ عُمَرُ فِي العِيدَيْنِ بِـ: {قَ} وَ {اقْتَرَبَتْ}».

- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَرِهَ أَنْ تُخَصَّ سُورَةٌ لِيَومِ الجُمُعَةِ وَالعِيدَيْنِ».

لا شك أن الأمر بالقراءة مبني على التيسير: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: ٢٠]، واختلاف الرواية في قراءة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الجمعة، يدل على أنه لم يكن يلتزم سورة معينة فيها، ولسنا نظن بأبي حنيفة أنه رغب عن سنة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو الاقتداء به، ولكنه كره أن تخص الجمعة بسورة معينة، إذا ترتب على ذلك توهم العامة وجوب هذه السورة أو اشتراطها. وقد سبق ذلك في مسألة القراءة في الوتر (١).

٢٩ - صَلاَةُ العِيدِ فِي اليَوْمِ الثَّانِي:

وَبِسَنَدِهِ عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ هِلاَلَ شَوَّالٍ [أُغْمِيَ] عَلَيْهِمْ، فَأَصْبَحُوا صِيَامًا، فَجَاءَ رَكْبٌ آخِرَ النَّهَارِ، فَشَهِدُوا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ رَأَوُا الهِلاَلَ بِالأَمْسِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُفْطِرُوا، وَأَنْ يَخْرُجُوا إِلَى عِيدِهِمْ مِنَ الغَدِ».

- «وذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الغَدِ "».

لم يحك صاحب " الهداية " خلافًا لأبي حنيفة في هذه المسألة، بل قال: «(فَإِنْ غُمَّ الهِلَالُ وَشَهِدُوا عِنْدَ الإِمَامِ بِرُؤْيَةِ الهِلَالِ بَعْدَ الزَّوَالِ صَلَّى العِيدَ مِنْ الغَدِ)؛ لأَنَّ هَذَا تَأْخِيرٌ بِعُذْرٍ، وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ الحَدِيثُ (فَإِنْ حَدَثَ عُذْرٌ يَمْنَعُ مِنْ الصَّلاَةِ فِي اليَوْمِ الثَّانِي لَمْ يُصَلِّهَا بَعْدَهُ)؛ لِأَنَّ الأَصْلَ فِيهَا أَنْ لَا تُقْضَى كَالْجُمُعَةِ، إلاَّ أَنَّا تَرَكْنَاهُ بِالحَدِيثِ، وَقَدْ وَرَدَ بِالتَّأْخِيرِ إلَى اليَوْمِ الثَّانِي عِنْدَ العُذْرِ» (٢). والحديث الذي أشار إليه صاحب " الهداية "، هو نفسه ما رواه


(١) انظر " معاني الآثار ": ١/ ٢٤٠، ٢٤١، وما سبق في ص ٤٩٨.
(٢) " الهداية ": ١/ ٤٢٨، ٤٢٩.

<<  <   >  >>