للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر الطحاوي أن الأحاديث التي نفت الصلاة على شهداء أحد، قد نفت أن يكون الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد صلى عليهم ولكنها لم تنف أن يكون قد صلى عليهم غيره، فقد كان - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - جَرِيحًا مُتْعَبًا في هذه الغزوة (١).

وبذلك يتبين أن أبا حنيفة لم يخالف الآثار، وإنما رجح بين الأحاديث المختلفة، ووافقه البخاري، والثوري، وإسحاق، وابن ماجه.

المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الصَّوْمِ:

١ - صَوْمُ الوَلَدِ عَنْ وَالِدَيْهِ:

أو هل تجزئ العبادة إذا قام بها الولي نيابة عن الميت؟

رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، فَقَالَ: «اقْضِهِ عَنْهَا».

وَبِسَنَدِهِ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إِنَّهُ كَانَ عَلَى أُمِّي صَوْمُ شَهْرَيْنِ أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: «صُومِي عَنْهَا» , قَالَ: «لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ قَضَيْتِهِ أَكَانَ يُجْزِئُ عَنْهَا؟» قَالَتْ: بَلَى , قَالَ: «فَصُومِي عَنْهَا».

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الجُهَنِيِّ، أَنَّهُ حَدَّثَتْهُ عَمَّتُهُ (*)، أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: [يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَعَلَيْهَا مَشْيٌ إِلَى الكَعْبَةِ نَذْرًا] فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَتَسْتَطِيعِينَ تَمْشِيَ عَنْهَا؟ " قَالَتْ: " نَعَمْ " , قَالَ: " فَامْشِي عَنْ أُمِّكَ " , قَالَتْ: " أَوَ يُجْزِئُ ذَلِكَ عَنْهَا؟ " قَالَ: " نَعَمْ " , قَالَ: " أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ قَضَيْتِهِ هَلْ كَانَ يُقْبَلُ مِنْكَ؟ " قَالَتْ: " نَعَمْ " , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ "».

- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " لَا يُجْزِئُ ذَلِكَ "».


(١) انظر " معاني الآثار ": ١/ ٢٨١، ١٩٣؛ و" الهداية " و" فتح القدير ": ١/ ٤٧٤، ٤٧٥؛ و" بداية المجتهد ": ١/ ١٩١.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) ذكر ابن حجر العسقلاني أن اسمها (غَايِثَة). انظر" فتح الباري بشرح صحيح البخاري "، لابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ)، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي: ٤/ ٦٥، حديث رقم ١٨٥٢، طبعة سنة ١٣٧٩ هـ، نشر دار المعرفة. بيروت - لبنان.
وقال أبو نعيم في " معرفة الصحابة ": (غَاثِيَةُ، وَيُقَالُ: غَائِثَةُ)، انظر " معرفة الصحابة "، لأبي نعيم الأصبهاني (ت ٤٣٠ هـ)، تحقيق عادل بن يوسف العزازي، ٦/ ٣٤٠٧، الطبعة الأولى: ١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م، دار الوطن للنشر، الرياض - المملكة العربية السعودية.

<<  <   >  >>