للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَا انْتَقَدَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الزَّكَاةِ:

١ - الصَّدَقَةُ عَلَى الفَقِيرِ الصَّحِيحِ:

رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِسَنَدِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ»، ثُمَّ قَالَ:

- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَخَّصَ فِي الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ. وَقَالَ: " جَائِزَةٌ "».

هذه المسألة في الصدقة على الغني، والفقير الصحيح. وقد ذكر الترمذي في ذلك ما يؤيد أبا حنيفة، فَقَدْ رَوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَالَ: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَمَسْأَلَتُهُ فِي وَجْهِهِ خُمُوشٌ، أَوْ خُدُوشٌ، أَوْ كُدُوحٌ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُغْنِيهِ؟ قَالَ: «خَمْسُونَ دِرْهَمًا، أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ».

قَالَ التِرْمِذِيُّ: «وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَبِهِ يَقُولُ الثَّوْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ قَالُوا: " إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ الصَّدَقَةُ "».

قَالَ: «وَلَمْ يَذْهَبْ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى [حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ]، وَوَسَّعُوا فِي هَذَا، وَقَالُوا: إِذَا كَانَ عِنْدَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، أَوْ أَكْثَرُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الزَّكَاةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الفِقْهِ وَالعِلْمِ».

ثُمَّ ذَكَرَ التِرْمِذِيُّ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ السَّابِقِ، وَبَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ فِي إِسْنَادِهِ، قَالَ: «وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ قَوِيًّا مُحْتَاجًا وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ، فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ، أَجْزَأَ عَنِ المُتَصَدِّقِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ، وَوَجْهُ هَذَا الحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ عَلَى المَسْأَلَةِ» (١).


(١) " سنن الترمذي ": ٣/ ١٤٨، ١٥٣.

<<  <   >  >>