للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَوَالِيهِمْ، ثم قال:

- «وذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " الصَّدَقَةُ تَحِلُّ لِمَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِم "».

ظاهر الرواية عن أبي حنيفة، أن الصدقة لا تحل لبني هاشم، وفي رواية عنه أنه يجوز في هذا الزمان، وإن كان ممتنعًا في زمن النبي، وفي رواية ثالثة أنه يجوز أن يدفع إلى بعض بني هاشم بعض زكاتهم (١).

وقد بحث الطحاوي هذا الموضوع، وبعد أن أكد أن الصدقة لا تحل لبني هاشم، ذكر أن ذلك هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ثم قال: «وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي ذَلِكَ , فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " لَا بَأْسَ بِالصَّدَقَاتِ كُلِّهَا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ. وَذَهَبَ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا إِلَى أَنَّ الصَّدَقَاتِ إِنَّمَا كَانَتْ حَرُمَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَا جُعِلَ لَهُمْ فِي الْخُمُسِ مِنْ سَهْمِ ذَوِي القُرْبَى. فَلَمَّا انْقَطَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَرَجَعَ إِلَى غَيْرِهِمْ , بِمَوْتِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حَلَّ لَهُمْ بِذَلِكَ مَا قَدْ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَا قَدْ كَانَ أُحِلَّ لَهُمْ "» (٢).

فعلى ظاهر الرواية لم يخالف أبو حنيفة الحديث، وعلى غيرها فقد استنبط علة الحديث، يتحقق الحكم بوجودها هنا، وينتفي بانتفائها. وقد قال أبو بكر الأبهري من المالكية: «إِنَّ صَدَقَةَ الفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ تَحِلُّ لَهُمْ» (٣).


(١) " فتح القدير ": ٢/ ٢٤.
(٢) " شرح معاني الآثار ": ١/ ٢٩٧، ٣٠٣.
(٣) انظر: " ابن العربي على الترمذي ": ٣/ ١٦١.

<<  <   >  >>