للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه أول مرة يشرك ابن أبي شيبة أبا يوسف مع أبي حنيفة في النقد وقد أخطأ في ذلك، لأن أبا يوسف يخالف أبا حنيفة في ذلك ويقول بقول عامة المحدثين في كراهية هذا البيع، قال الترمذي: «وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِنَا» (١).

وقد ذكر الطحاوي أن أبا يوسف ومحمدًا خالفَا أبا حنيفة في هذه المسألة، ثم ذهب الطحاوي إلى رأي أبي حنيفة محتجًا له بأن الحديث الأول قد جاء في طرق صحيحة له ما يفيد أن النهي كان منصبًا على بيعه نسيئة (٢) وبالإضافة إلى أن حديث عبادة بن الصامت في الربويات يعارضه حيث اشترط في جواز البيع المماثلة والمساواة ولتنجيز، وهو يقتضي بظاهره أن المماثلة مشروطة حال العقد لا حال المآل (٣).

ففي هذه المسألة اختلاف في تصحيح الحديث، واختلاف في الجمع بين الأحاديث المختلفة.

٦ - تَلَقِّي البُيُوعِ:

وَبِسَنَدِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ تَلَقِّي البُيُوعِ».

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَرْفُوعًا: «لَا تَسْتَقْبِلُوا، وَلَا [تُحَفِّلُوا] (*)».

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، [قَالَ]: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ التَّلَقِّي».

- «وذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ:" لاَ بَأْسَ بِهِ "».

قد ذكرنا هذه المسألة في فصل (الاتجاه إلى الظاهر) وَبَيَّنَّا أن جمهور


(١) " الترمذي ": ٥/ ٢٣٢، ٢٣٣؛ وانظر " النسائي ": ٧/ ٢٦٨، ٢٦٩.
(٢) " معاني الآثار ": ٢/ ١٩٩.
(٣) انظر " بداية المجتهد ": ٢/ ١٥٥؛ و" إعلام الموقعين ": ٢/ ٣٩٧، ٣٩٨؛ و" المحلى ": ٨/ ٤٥٩ وما بعدها.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) في الكتاب المطبوع: (وَلَا تَحْلِفُوا) والصواب ما أثبته (وَلَا تُحَفِّلُوا).
قال ابن منظور: «والتَّحْفِيل: مِثْلُ التَّصْرِية وَهُوَ أَن لَا تُحْلَب الشَّاةُ أَيَّامًا لِيَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا لِلْبَيْعِ، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ التَّصْرِيَةِ والتَّحْفِيل. وَنَاقَةٌ حَافِلَةٌ وَحَفُولٌ وَشَاةٌ حَافِلٌ وَقَدْ حَفَلَتْ حُفُولًا وحَفْلًا إِذَا احْتَفَلَ لَبَنُهَا فِي ضَرْعِهَا، وهُنَّ حُفَّلٌ وَحَوَافِلٌ. (انظر " لسان العرب "، لابن منظور (ت ٧١١ هـ)، الطبعة الثالثة: ١٤١٤ هـ، ١١/ ١٥٧، نشر دار صادر. بيروت - لبنان) (مَادَّةُ حَفَلَ).
وانظر " المصنف " لابن أبي شيبة، تحقيق الشيخ محمد عوامة، حديث رقم ٢١٢٠٩، (١٣) كِتَابُ البُيُوعِ وَالْأَقْضِيَةِ (٩٧) فِي بَيْعِ الْمُحَفَّلَاتِ، ١٠/ ٦٧٦، الطبعة الأولى: ١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م، دار القبلة للثقافة الإسلامية. جدة - المملكة العربية السعودية ومؤسسة علوم القرآن. دمشق - سوريا.

<<  <   >  >>