للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هؤلاء أبو حنيفة والشافعي، وقال آخرون: «البَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ» منهم ابن شبرمة. وقال فريق ثالث: «البَيْعُ جَائِزٌ مَعَ شَرْطٍ وَاحِدٍ»، أما مع شرطين فلا، وهو قول أحمد وإسحاق. وقال ابن أبي ليلى: «البَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ» (١).

١٣ - اشْتِرَاطُ الوَلاَءِ لِلْبَائِعِ فِي البَيْعِ:

وَبِسَنَدِهِ عَنْ عَائِشَةَ [قَالَتْ]: «أَرَادَ أَهْلُ بَرِيرَةَ أَنْ يَبِيعُوهَا وَيَشْتَرِطُوا الوَلاَءَ، فَذَكَرَتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: " اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ "»، وعن ابن عباس وابن عمر مثل ذلك.

- «وذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " هَذَا الشِّرَاءُ فَاسِدٌ لَا يَجُوز "».

هذه المسألة تتعلق بسابقتها من أن أبا حنيفة لا يجيز البيع المشروط، والشرط المنافي لمقتضى العقد يفسد العقد عنده، أما هذا الحديث فقد حققه الطحاوي وأثبت أن بريرة كانت مكاتبة، وأنها جاءت تستعين بالسيدة عائشة التي عرضت عليها أن تدفع الأقساط المستحقة على بريرة دفعة واحدة على أن يكون ولاؤها لها، فلما عرضت بريرة ذلك على مواليها رفضوا واشترطوا لهم الولاء. فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ: اشتريها ثم أعتقيها فيكون لك الولاء، أما أن تودي عنها ما كانت عليه، فإن الولاء سوف يكون لهم، لأنهم تولوا عقد الكتابة، فإنما الولاء لمن أعتق (٢).

١٤ - الوَكَالَةُ فِي الشِّرَاءِ:

رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى عُرْوَةَ البَارِقِيِّ دِينَارًا لِيَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالبَرَكَةِ


(١) انظر: " معاني الآثار ": ٢/ ٢١٩؛ و" بداية المجتهد ": ٢/ ١٣٢، ١٣٣؛ و" الترمذي ": ٥/ ٢٥٨؛ و" المحلى ": ٨/ ٤١٢، ٤٢٠.
(٢) انظر " معاني الآثار ": ٢/ ٢٢١؛ والذي في " البخاري ": ٢/ ١٣ لا يؤيد هذا التأويل فقد ذهب البخاري إلى جواز البيع وفساد الشرط المنافي؛ وانظر " الترمذي ": ٥/ ٢٦١.

<<  <   >  >>