للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد قال: إن هذا الحكم ينفذ ظاهرًا وباطنًا، واستند في ذلك إلى أن الحكم باللعان يوجب الفرقة، ويحرم المرأة على زوجها، ويحلها [لغيره] مع أن أحد المتلاعنين كاذب لا محالة (١).

فسبب الخلاف هو معارضة حديث اللعان لغير الأموال في هذا الحديث وهذه المسألة مما يوضح الاتجاه الخلقي النفسي عند أهل الحديث. كما يبرز التمسك بقانون الظاهر عند أبي حنيفة.

٢ - شُهُودُ الرَّضَاعَةِ:

وَبِسَنَدِهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ قَالَ: «تَزَوَّجْتُ ابْنَةَ أَبِي إهَابٍ التَّمِيمِيِّ فَلَمَّا كَانَتْ صَبِيحَةُ مِلْكِهَا جَاءَتْ مَوْلاَةٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ , فَقَالَتْ: " إنِّي أَرْضَعْتُكُمَا " فَرَكِبَ عُقْبَةُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِالمَدِينَةِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَقَدْ سَأَلْتُ أَهْلَ الجَارِيَةِ فَأَنْكَرُوا , فَقَالَ: " كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟ " فَفَارَقَهَا وَنَكَحَتْ غَيْرَهُ».

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا يَجُوزُ فِي الرَّضَاعَةِ مِنَ الشُّهُودِ؟ قَالَ: " رَجُلٌ، أَوِ امْرَأَةٌ "».

- «وذُكِرَ أنَّ أبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " لَا يَجُوزُ إِلَّا أَكْثَرُ "».

شهادة النساء منفردات عن الرجال مقبولة عند الجمهور في حقوق الأبدان التي لا يطلع عليها الرجال غالبًا، مثل الولادة وعيوب النساء وقد أخرج أبو حنيفة الرضاع من هذا، إذ يمكن الرجال أن يطلعوا عليه، وأجاب عن الحديث بأنه كان للتنزيه والإرشاد للابتعاد عن مواقف التهم.

والذين قالوا بقبول شهادة النساء في الرضاعة، لم يلتزموا الحديث تمامًا، بل اختلفوا في العدد بين شهادة امرأة واحدة أو شهادتهما مع يمينها.


(١) انظر " معاني الآثار ": ١/ ٢٨٧، ٢٨٩؛ و" بداية المجتهد ": ٢/ ٣٨٥؛ و" المحلى ": ٩/ ٤٢٢؛ " البخاري ": ٢/ ٤٢، ٤٣ و ٤/ ٣٠٥ في كتاب الحيل؛ و" الترمذي ": ٦/ ٨٣؛ و" أبا داود ": ٣/ ٤١٠.

<<  <   >  >>