للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديث ابن عمر هذا حكاية يدخله الاحتمال، فقد يكون أجيز وهو ابن خمس عشرة لأنه قد بلغ، ويحتمل أنه قد كان ضعيفًا فرده في الأولى، ثم أصبح قويًا في المرة الثانية، ويؤيد هذا الاحتمال أن مورده فيمن هو صالح للجهاد، وذلك بالقوة الجسمية، وبدليل أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَرَضَ لِبَعْضِ غِلْمَانِ الأَنْصَارِ وَلَمْ يَفْرِضْ لِسَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ وَكَانَ صَغِيرًا، قَالَ لَهُ سَمُرَةُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ فَرَضْتَ لِصَبِيٍّ وَلَمْ تَفْرِضْ لِي، وَأَنَا أَصْرَعُهُ»، قَالَ: «صَارِعْهُ»، فَصَرَعَهُ، فَفَرَضَ لَهُ. وبهذا يخرج الحديث عن أن يكون دلالة على حد البلوغ.

أما الذي دل عليه القرآن فهو أن الأطفال يبلغون إذا احتلموا، وبذلك قال داود الظاهري: «لَا يَكُونُ البُلُوغُ حَتَّى يَكُونَ اِحْتِلَامٌ وَلَوْ مَضَى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ عَامًا». وجعل بعض العلماء الحد الأقصى للبلوغ خمس عشرة، أخذًا عند البنت سبع عشرة سنة، وعند الغلام ثماني عشرة أو تسع عشرة، على روايتين (١).

٦ - اللُّقَطَةُ:

وَبِسَنَدِهِ عَنْ زَيْدٍ بْنِ خَالِدِ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: " عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَاسْتَنْفِقْهَا "».

وَعَنْ أُبَيِّ بْنَ كَعْبٍ مَرْفُوعًا: «عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ وَجَدْتَ صَاحِبَهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ، وَإِلاَّ فَاعْرِفْ عَدَدَهَا، وَوِعَاءَهَا، وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ تَكُونُ كَسَبِيلِ مَالِكَ».

- وذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: «إِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا غَرِمَ لَهُ».


(١) انظر " معاني الآثار ": ٢/ ١٢٤، ١٢٦؛ و" الترمذي ": ٧/ ٢٠٤.

<<  <   >  >>