للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - الطَّلَاقُ قَبْلَ النِّكَاحِ: ذكرنا هذه المسألة في الفصل السابق، وذكرنا أن الرجل إذا علق الطلاق على النكاح، يلزمه الطلاق إذا تزوج. وقد ترجم البخاري لهذا بقوله: (بَابُ لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ، فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا، فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: ٤٩]، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «جَعَلَ اللَّهُ الطَّلاَقَ بَعْدَ النِّكَاحِ» وَيُرْوَى فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ ...) ثم ذكر رواية ذلك عن اثنين وعشرين تابعيًا (١).

٥ - طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَالمُكْرَهِ وَالغَاضِبِ: وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى وُقُوعِ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، ورد عليه البخاري في ترجمة طويلة، تقدم ذكرها في فصل (الاتجاه العقلي)، وهي (بَابُ الطَّلاَقِ فِي الإِغْلاَقِ وَالكُرْهِ، وَالسَّكْرَانِ ...) (٢).

وهناك العديد من الأمثلة غير ما تقدم، يمكن تتبعه في مسائل الخلاف، وقد ذكرنا بعضها في الفصل السابق، فيما أشرنا فيه إلى البخاري كمرجع لبعض المسائل المختلف فيها.

لكن البخاري في هذه المواضع التي يبدي فيها رأيه، لا يعني بالضرورة أنه يقصد الرد على أهل الرأي، وإنما فيه نسبة ذلك إليه اجتهاد وظن راجح من الباحثين، لا نستطيع أن ننسبه صراحة إليه.

أما الذي يمكن نسبته إليه، فهو ما صرح فيه بالرد على مخالفيه، الذين أطلق عليهم (بَعْضَ النَّاسِ) في " صحيحه "، أو ناقشهم في مؤلفات خاصة. فهذا هو الذي يعنينا بالقصد الأول، حيث يعطينا صورة واضحة عن أسلوب البخاري في مناقشته، وعن تصوره لمخالفات أهل الرأي التي لم يسعه السكوت عليها، لمخالفتها مقتضى الأدلة في نظره.


(١) " البخاري ": ٣/ ٢٧١، ٢٧٢.
(٢) " البخاري ": ٣/ ٢٧٢.

<<  <   >  >>