للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - نقل البخاري في ترجمته تفسير الركاز الذي ارتضاه عن مالك والشافعي. ومن النادر أن يصرح البخاري باسمهما، أو يعنى بذكر رأيهما. ولم أجده يصرح برأيهما إلا في مسألتين: هذه إحداهما، والأخرى في تفسر العرايا.

٣ - أيد البخاري رأيه بأمرين:

- أولهما: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال فِي المَعْدِنِ: «إِنَّهُ جُبَارٌ»، أي هدر لا شيء فيه، ثم عطف عليه الركاز مبينًا أن فيه الخمس، والعطف يقتضي المغايرة.

- وثانيهما: فهم التابعين للركاز بهذا المعنى، وهو ما فهمه أيضًا علماء أهل الحجاز، وهم أعرف الناس بلغتهم، وقد كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخاطبهم بمقتضى هذه اللغة.

٤ - حكى البخاري رأي أبي حنيفة. ثم ألزمه بأن المعدن لو كان ركازًا لأنه يقال: «أَرْكَزَ المَعْدِنُ» إذا خرج منه شيء، لأدى ذلك إلى وجوب إخراج الخمس من المال الموهوب أو الربح أو الثمرة - وهو ما لم يقل به أحد - لأنه يقال لمن ملك شيئًا من ذلك: «أَرْكَزَ الرَّجُلُ»، كما يقال لم وجد المعدن: «أَرْكَزَ».

ثم ذكر أن أبا حنيفة بعد أن أوجب الخمس في المعدن رجع فناقض نفسه، حين أباح لمن وجده أن يكتمه ولا يؤدي منه شيئًا.

والخلاف في تفسير الركاز خلاف قديم بين أهل المدينة وأهل الكوفة، ذكر محمد بن الحسن في كتابه " في الرد على أهل المدينة "، وَ «ذَكَرَ أَنَّ الرِّكَازَ إِنَّمَا هُوَ لِلْمَعْدَنِ فِي الأَصْلِ، ثُمَّ شَبَّهَ بِهِ المَالَ المَدْفُونَ»، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فِي الرِّكَازِ الخُمُسَ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الرِّكَازُ؟ فَقَالَ: المَالُ الذِي خَلَقَهُ اللَّهُ فِي الأَرْضِ، يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ».

<<  <   >  >>