للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاتفاق التي لها تعلق بأبواب الكتاب ومسائله مما يجعل الفائدة مضاعفة، ولا شك أن من اجتمع عنده أمهات مسائل الفقه أو جُلّها مضمومًا إليها كثير من مسائل الاتفاق فقد كاد أن يجتمع له أصل الفقه الإِسلامي، وسهل عليه بعد ذلك إن كان من المشتغلين بالفقه وأدلته أن يُخَرِّج ويُفَرِّع ما سوى ذلك من المسائل على ذلك الأصل العظيم.

٧ - لخَّصتْ هذه الموسوعة بأسلوبٍ سهلٍ موجزٍ عيون مسائل الفقه الإِسلامي من أهم وأكبر مصادره مما يجعلها خلاصة لثروة علميةٍ فقهية ومرجعًا فقهيًا لا يُستغنى عنه.

٨ - إنَّ هذا المشروع الجديد إذا كان في جانبه الأكبر يسلِّط الضوء على مذاهب جمهور العلماء وأقاويلهم؛ فإنه في جانبه الآخر يبرز صفة عالية من صفات الأمم المتقدمة، تلكم هي الحرية الفكرية عند علماء المسلمين والتي تتجلى في أجمل مظاهرها عندما نرى فقيهًا أو إمامًا لا يهاب أن يخالف قَوْلُهُ جَماهِيرَ علماءِ المسلمين صحابة كانوا أو تابعين أو غيرهم. ما دام الدليلُ الذي قام عنده يعضده ويدلُّ عليه. وهذا في جوهره يمثل قمة الارتقاء الفكري والتقدم العلمي عند علماء هذه الأمة أيام عصورهم الذهبية مما كان له أثره الواضح في الحياة الاجتماعية والسياسية والعلمية وأثرى بالتالي تلك الأعصر بذلك المزيج من الآراء والمذاهب والمدارس والتي عكست بدورها نضوج فكرٍ، وحرية رأي وسعة أفق ورحابة صدرٍ.

٩ - إن هذه الموسوعة تجمع بين دفتيها صفحات مشرقة من تلك الأخلاق العلمية الفذَّة التي تحلى بها علماؤنا وأئمتنا الأقدمون، وكان من أبرز وأجمل تلك الأخلاق: الأمانة والنزاهة والإنصاف ...... أخلاق ميزت تلك الطبقة من العلماء الكبار، حملت أمثال ابن عبد البر "المالكي" وهو ينقل مذاهب الفقهاء ليقول: ولا نعلم أحدًا وافق مالكًا من فقهاء الأمصار في قوله هذا. أو نحو ذلك، وتحمل النووي -رحمه الله- وهو شافعي المذهب على نقل مذهب الشافعي في بعض المسائل التي خالف فيها جمهور العلماء لقول النووي بعد ذلك، وأكثر العلماء أو جمهور العلماء على أنه كذا وكذا؛ يعني خلافًا لقول الشافعي، وأمثال هذا عن ابن عبد البر وابن قدامة والنووي وابن رشد والماوردي وغيرهم كثير، رحمهم الله تعالى ونفعنا الله تعالى بعلومهم وأخلاقهم.

إنَّ القارئ يستطيع أن يستشف بعض تلك الأخلاق من خلال مطالعته لهذه الموسوعة فقط، وأما إذا بذل شيئًا من الجهد ليرجع إلى المصادر التي أثبتناها في أصل الكتاب أو في هامشة وأرجو ذلك - فإنه سيجد عجبًا من تلك الأخلاق المرضية

<<  <  ج: ص:  >  >>