للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

باب فيمن طلق امرأته ثلاثًا في مجلس واحد

مسألة (١٢٤٥) جمهور أهل العلم على أن من طلق امرأته ثلاثًا في مجلس واحد بكلمة واحدة (١) أو ثلاث تطليقات فقال: أنت طالق طالق طالق، وعني بالثانية والثالثة طلاقًا منفصلًا؛ فإن زوجته تبين منه ولا يحل له أن ينكحها حتى تنكح زوجًا غيره، ولا فرق في هذا بين أن يطلق قبل الدخول أو بعده. روى ذلك عن ابن عباس وأبي هريرة وابن عمر وعبد الله بن عمرو وابن مسعود وأنس. قال الموفق -رحمه الله- تعالى: وهو قول أكثر أهل العلم من التابعين والأئمة بعدهم.

قلت: وهو قول الأئمة الأربعة مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد، ولا فرق عند الجمهور في هذا بين البكر وبين غيرها.

قال الموفق -رحمه الله- تعالى: وكان عطاء وطاوسٍ وسعيد بن جبير وأبو الشعثاء وعمرو بن دينار يقولون: من طلق البكر ثلاثًا فهي واحدة.

وروى طاوس عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة. رواه أبو داود، وروى سعيد بن جبير وعمرو بن دينار ومجاهد ومالك بن الحارث عن ابن عباس خلاف رواية طاوس أخرجه أيضًا أبو داود، وأفتى ابن عباس بخلاف ما رواه عنه طاوس وحكى النووي عن الحجاج ابن أرطأة وابن مقاتل ورواية عن محمَّد بن إسحاق (٢) أنه لا يقع به شيء.

مغ ج ٨ (ص:٢٤٣) شرح ج ١٠ (ص: ٧٠).


(١) بأن قال أنت طالق ثلاثًا، وذكر النوِووي -رحمه الله- أن جمع الثلاث دفعة واحدة ليس بحرام في مذهب الشافعي وحكاه عن أحمد وأبي ثور، والأولى عند هؤلاء تفريقها كما أمر الله، وقال مالك والأوزاعي وأبو حنيفة والليث وهو بدعة. انظر شرح ج ١٠ (ص: ٦٢)، وانظر الحاوي ج ١٠ (ص: ١١٧).
(٢) قلت: وحكى وقوع طلاق الثلاث في وقت واحد الماورديُّ عن الحسن بن عليٍّ وعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهم، وابن سيرين. قال -رحمه الله-: وقال أبو حنيفة: طلاق الثلاث واقع لكنه حرام مبتدع، وبه قال من الصحابة عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود ومن الفقهاء مالك والعراقيون.
قلت: وحكى الماوردي عن الفقهاء السبعة (فقهاء المذينة) وداود بن علي وطائفة من أهل الظاهر أْن طلاق الثلاث لا يقع. ثم ذكر الماوردي اختلاف هؤلاء هل معناه أنه يقع واحدة؟ ثم لا يقع أصلًا؟ على قولين. انظر الحاوي ج ١٠ (ص: ١١٨). قلت: الذي ذكره ابن حزم وانتصر له من بين سائر الأقوال في جمع الطلاق ثلاثًا دفعة واحدة هو أنه طلاق للسنة وهو واقع، وذهب إلى أبعد من هذا وهو أنه إذا قال لها (يعني للزوجة المدخول بها) أنت طالق، فهو على ما نواه. إن نوى واحدة فواحدة أو نوى اثنتين فاثنتين، وإن نوى ثلاثًا فهو ثلاث. انظر محلى ج ١٠ (ص: ١٦٧) وما بعد (ص: ١٧٤)، وانظر شرح ج (ص: ٥٤).
قلت: وهذه المسألة الأخيرة كالتي ذكرها الموفق في المغني من قول الرجل: أنت طالق طلاقًا فهو بنيته؛ لأن هذه فيها تصريح بالمصدر والمصدر كما قال الموفق يقع على القليل والكثير. انظر مغ ج ٨ (ص: ٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>