للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال داود: ليس عليها أن تتم عدتها ولا عدة مستأنفة.

بداية جـ٢ (ص: ١١٢).

باب في عدة امرأة الغائب (١) والمفقود في غير مهلكة (٢)

مسألة (١٣٢٣) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن الزوجة إذا غاب زوجها في غير مهلكة كسفر التجارة والعلم والسياحة ثم انقطع خبره؛ فإنها لا تعتد ولا تحل للأزواج حتى يأتيها خبر موته بيقين. روي ذلك عن عليّ، وإليه ذهب ابن شبرمه وأبي أبي ليلى والثوري وأبو حنيفة والشافعي في الجديد في قوله، وروي هذا كذلك عن أبي قلابة والنخعي وأبي عبيد، وهو القول المفتى به في مذهب أحمد. نص عليه الموفق. وقال مالك والشافعي في القديم: تتربص أربع سنين (٣) وتعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرًا وتحل للأزواج.

وروي عن أحمد أنه إذا مضى على غيبته تسعون سنةً قسم ماله. قال الموفق: وهذا يقتضى أن زوجته تعتد للوفاة ثم تتزوج (٤).

مغ ج ٩ (ص:١٣١).


(١) أجمع أهل العلم على أن الغائب الذي يُعلم خبره ويأتي كتابه، فالزوجية على حالها, ولا يحل لامرأته أن تعتد ولا أن تتزوج، وكذلك أجمعوا على أن زوجة الأسير لا تعتد ولا تنكح حتى تعلم يقينا موت زوجها. انظر مغ ج ٩ (ص: ١٣٠) الحاوي مغ ج ١١ (ص: ٣١٦). قلت: واختلفوا في زوجة العبد الآبق فأكثر من بلغنا قولهم أنها على الزوجية وأبي ذلك الحسن البصري فقال إباقه طلاقه.
(٢) وأما من فقد أو غاب في ما الغالب فيه الهلاك، فاختلف في ذلك الفقهاء على مذاهب. الأول: تتربص أربع سنين ثم تعتد عدة الوفاة وتحل للأزواج. روى هذا عن عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن الزبير, وبه يقول عطاء وعمر بن عبد العزيز والحسن والزهري وقتادة والليث وعليُّ بن المديني وعبد العزيز بن سلمة ومالك والشافعي في القديم، إلا أن مالكًا قال في المفقود بين الصَّفين (يعني القتال) خاصةً لا وقت معين في انتظاره. المذهب الثاني: تبقى الزوجية على حالها حتى يعلم خبره بيقين، وبه يقول أبو قلابة والنخعي والثوري وابن أبي ليلى وابن شبرمة وأصحاب الرأي والشافعي في الجديد. المذهب الثالث: في المفقود بين الصَّفين تتربص سنةً ثم تعتد. انظر مغ ج ٩ (ص: ١٣٢) بداية ج ٢ (ص: ٦٤) الحاوي الكبير ج ١١ (ص: ٣١٦).
(٣) لأنها عند عامه الفقهاء أكثر مدة الحمل، وفي هذه المدة آثار عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم في أصل مسألة المفقود والغائب. انظر مغ ج ٩ (ص: ١٣٤).
(٤) قلت: وهذا التلازم الذي أبداه الموفق ليس بلازم إذ إن هناك من الفقهاء من فرق بين مدة الانتظار للاعتداد والحل للأزواج، ويين مدة الانتظار لتقسيم المال وتوريثه، وبه يقول مالك وروى عن بعض الصحابة. انظر مغ ج ٩ (ص: ١٤٣) بداية ج ٢ (ص: ٦٤). قلت: لكنَّ الموفق -رحمه الله-: أدرى بأصول مذهب أحمد وقواعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>