للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل في حَد المُسْكِرِ (١)

[باب في وصف المسكر الذي يحرم قليله وكثيره]

مسألة (١٤٩١) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن المسكر حرام قليله وكثيره، يستوي في ذلك عصير العنب وغيره من سائر الأشربة والأنبذة في تحريم شربه والحَدِّ فيه. روىِ هذا عن عمر وعليٍّ وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وأُبي بن كعب وأنس وعائشة رضي الله تعالى عنهم، وبه قال عطاء وطاوس ومجاهد والقاسم وقتادة وعمر بن عبد العزيز ومالك والشافعي وأبو ثور وأبو عبيد وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه.

وقال أبو حنيفة في عصير العنب إذا طبخ فذهب ثلثاه، ونقيع التمر والزبيب إذا طبخ وإن لم يذهب ثلثاه، ونبيذ الحنطة والذرة والشعير، ونحو ذلك نقيعًا كان أو مطبوخًا: كل ذلك حلال إلا ما بلغ السكر، وأما عصير العنب إذا اشتد وقذف زبده وطبخ، فذهب أقل من ثلثيه، ونقيع التمر والزييب إذا اشتد بغير طبخ: فهذا محرم قليله وكثيره.

قلت: جعل أبو حنيفة -رحمه الله- الخمر من العنب والنخل، فيحرم قليلها وكثيرها ويُحَدُّ شاربها، وما سوى ذلك من الأنبذة والأشربة لا يحرم شربه إلا ما بلغ السكر (٢).

مغ جـ ١٠ (ص ٣٢٧) نيل الأوطار جـ ٩ (ص ٧٧) شرح جـ ١٣ (ص ١٤٨).


(١) يعني حد من شرب المسكر والإجماع على تحريم المسكر وحد شاربه في الجملة، والخلاف في فروع هذين. انظر مغ جـ ١٠ (ص ٣٢٥) الحاوي جـ ١٣ (ص ٣٧٦) ولا خلاف بين العلماء في الحد على من شرب المسكر من عصير العنب قلَّ أو كثر، وإنما الخلاف في غيره من الأشربة إذا شرب منها ما لا يسكر، فذهب إلى عدم الفرق الجمهور من العلماء منهم الحسن وعمر بن عبد العزيز وقتادة والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد، وذهبت طائفة إلى أن غير عصير العنب لا يُحدُّ شاربه حتى يسكر. منهم أبو وائل والنخعي وكثير من أهل الكوفة وأبو حنيفة وأصحابه في أهل الرأي، وقال أبو ثور: من شربه متأولًا فلا حد عليه؛ لأنه مختلف فيه. انظر مغ جـ ١٠ (ص ٣٢٨) الحاوي جـ ١٢ (ص ٣٨٧، ٤٠٧) شرح جـ ١١ (ص ٢١٨).
(٢) انظر كلام ابن المنذر في الإشراف في الرد على مذهب أهل العراق جـ ٢ (ص ٣٧٦) وانظر بداية جـ ١ (ص ٦٢٠) جـ ٢ (ص ٥٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>