للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمذهب على قولين منصوصين في "المدونة":

أحدهما: أنه لا يلزمه إتيان مكة في جميع هذه الألفاظ، وهو قوله في المدونة.

والثاني: أنه يلزمه الإتيان في جميع [هذه الألفاظ] (١) حاجًا أو معتمرًا، وهو قول أشهب، ونص ابن القاسم فيها في الركوب أيضًا.

واختلف المتأخرون: هل اختلف قول ابن القاسم في سائر الألفاظ، كاختلافه في الركوب؟

فمنهم من قال: إنما اختلف في الركوب خاصة دون ما عداه، وهو ظاهر تأويل أبي عمران الفاسي، وهو قول ابن المواز (٢) من متقدمي الأصحاب، وقد سئل أبو عمران الفاسي: "لم اختلف قول ابن القاسم في ناذر الركوب إلى مكة، ولم يختلف قوله في الذهاب والانطلاق ونحوه؟ فقال: "يحتمل أن يحمل على قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} (٣)، فذكر المشاة والركبان، فكان الركوب في اللفظ أمام المشي، وذلك جيد في المخاطبات، كقولهم: "حافيًا منتعلًا"، ويحتمل أيضًا أن يكون: إنما وجد الخلاف في الركوب منصوصًا، فيقاس عليه باقي الألفاظ.

ومنهم من يقول: إن ابن القاسم اختلف في الجميع، وأن له قولة أخرى، مثل قول أشهب، وهو الصحيح، وله في "المدونة" شواهد تدل على ذلك مع ماله منصوص في الأمهات مع ما نقله بعض مشايخ المذهب:

منها قوله في "المدونة": "قال سحنون": وقد كان يختلف في هذا


(١) في أ: ذلك.
(٢) النوادر (٤/ ٢٨ - ٢٩).
(٣) سورة الحج الآية (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>